ليبيا

440 ألف ناخب يسجلون في انتخابات المجالس البلدية بليبيا

إقبال متزايد على التسجيل في 62 مجلسًا بلديًا

في مشهد يعكس ديناميكية التحولات السياسية في ليبيا، أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات تسجيل 440,881 ناخبًا في 62 مجلسًا بلديًا، وفق إحصائية صدرت بتاريخ 22 مارس 2025. هذا الرقم، الذي يعكس حراكًا ديمقراطيًا متجددًا، يتوزع بين 310,788 رجلًا و130,093 امرأة، في دلالة على حضور مجتمعي واسع النطاق في المشهد الانتخابي.

أفق ديمقراطي متجدد أم استحقاق مأزوم؟

منذ انطلاق عمليات التسجيل، ظل الشارع الليبي منقسمًا بين متفائل يرى في هذه الأرقام خطوة نحو تعزيز الحكم المحلي، ومتشائم يعتبرها مجرد محطة في طريق طويل من الأزمات التي تعصف بالبلاد. ومع تزايد التحديات السياسية والأمنية، باتت الانتخابات البلدية اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة المؤسسات الليبية على إنجاز استحقاقات انتخابية نزيهة، بعيدًا عن التجاذبات السياسية والتدخلات الخارجية.

إقبال متفاوت.. قراءة في الأرقام

إذا ما تعمقنا في الأرقام، نجد أن نسبة المسجلين من الرجال تفوق الضعف مقارنة بالنساء، وهو مؤشر على أن المشاركة النسائية لا تزال بحاجة إلى مزيد من التحفيز، رغم الجهود المبذولة لدعم تمكين المرأة في المشهد السياسي. كما أن تفاوت نسب التسجيل بين البلديات يعكس اختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية والأمنية بين المناطق.

المفوضية بين التحديات والرهانات

تدرك المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أن دورها لا يقتصر فقط على تنظيم عمليات التسجيل، بل يمتد إلى تعزيز الثقة في المسار الديمقراطي، وهو ما يتطلب مواجهة تحديات متعددة، من بينها ضعف الإقبال في بعض المناطق، وضمان الشفافية والنزاهة، فضلًا عن ضرورة توفير بيئة آمنة لإجراء الانتخابات بعيدًا عن الضغوط السياسية.

دلالات وأبعاد المشهد الانتخابي

في بلد مثل ليبيا، حيث لا تزال الأوضاع السياسية متقلبة، فإن أي استحقاق انتخابي يحمل أبعادًا تتجاوز صناديق الاقتراع. فنجاح التسجيل في هذه المجالس البلدية لا يعني بالضرورة أن الطريق نحو انتخابات سلسة ومؤثرة سيكون سهلًا. فهناك عقبات لوجستية وأمنية قد تعيق سير العملية الانتخابية، إلى جانب التساؤلات حول مدى استعداد الحكومة والجهات المعنية لضمان شفافية ونزاهة الانتخابات.

هل يكون التصويت معبرًا عن الإرادة الشعبية؟

في ظل الاستقطاب السياسي الحاد، يبقى السؤال الأهم: هل ستكون الانتخابات البلدية المقبلة تعبيرًا حقيقيًا عن الإرادة الشعبية أم ستُختزل في كونها إجراءً شكليًا يُستخدم لأغراض سياسية؟ الإجابة على هذا السؤال تتوقف على مدى قدرة الجهات المعنية على ضمان مناخ انتخابي حر، بعيدًا عن التلاعب والتأثيرات الخارجية.

ختامًا: بين الآمال والتحديات

تظل الأرقام الصادرة عن المفوضية مؤشرًا مهمًا على اهتمام الليبيين بالمشاركة في الشأن المحلي، لكنها في الوقت ذاته تكشف عن تحديات تتطلب حلولًا جذرية لضمان نجاح الاستحقاق الانتخابي. وبينما تستعد المجالس البلدية لاستقبال ناخبيها، تبقى الأنظار معلقة على الكيفية التي ستُدار بها العملية الانتخابية، وما إذا كانت ستسهم في دفع عجلة الاستقرار، أم ستعيد إنتاج أزمات الماضي في ثوب جديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى