ارتفاع جنوني بأسعار اللحوم يهدد موائد الليبيين في العيد
اللحوم تتحول إلى رفاهية.. والمواطنون يلجؤون للمجمدات

أزمة اللحوم في ليبيا: بين ارتفاع الأسعار وانهيار القوة الشرائية
شهدت الأسواق الليبية خلال الأسابيع الماضية موجةً غير مسبوقة من الارتفاعات في أسعار اللحوم، مما دفع بالعديد من العائلات إلى استبعادها من قائمة غذائها اليومي، وتحويلها إلى سلعة “ترفيهية” لا يُقبل عليها إلا في المناسبات. فبحسب بيانات ميدانية، تجاوز سعر كيلو لحم الضأن المحلي 90 ديناراً ليبيّاً، في حين بلغ سعر لحم البقر 55 ديناراً للكيلو، وهو ما يُعادل نحو 10% من راتب الموظف في الحد الأدنى.
انهيار القوة الشرائية وتداعيات اجتماعية
أكد مواطنون لـ”أخبار ليبيا 24″ أن الأزمة لم تعد تقتصر على غلاء الأسعار، بل امتدت إلى تهديد الاستقرار الأسري. فخالد سليمان، موظف براتب 2250 ديناراً، كشف أن مرتبه لم يعد يكفي لشراء احتياجات أسرته الأساسية، ناهيك عن اللحوم، مما زاد من التوترات داخل منزله. أما محمد المرغني، المتقاعد، فأشار إلى أنه يُضطر لشراء اللحوم المجمدة رغم مخاوفه من جودتها بسبب غياب الرقابة.
أسباب الأزمة: بين التهريب وسوء الإدارة
من جهته، أرجع لطفي محمد بكار، المستشار الفني بوزارة الزراعة، الأزمة إلى عدة عوامل، أبرزها تهريب المواشي إلى دول الجوار بسبب الانفلات الأمني، وتدهور قيمة الدينار، إضافة إلى شح الأمطار وتقلص المراعي. وأضاف أن عدم تخصيص ميزانية كافية لتنمية الثروة الحيوانية زاد الطين بلة، حيث لم يتم حفر آبار جديدة أو توفير مضخات المياه اللازمة.
اللحوم المستوردة.. بديل غير كافٍ
في المقابل، لجأ العديد من الليبيين إلى اللحوم المجمدة المستوردة، التي تُباع بأسعار أرخص نسبياً (35 ديناراً للكيلو). لكن تاجر اللحوم علي التائب أكد أن الإقبال عليها تراجع هذا العام بسبب ضعف القوة الشرائية، حيث انخفضت كميات السحب بنسبة ملحوظة مقارنةً بالأعوام السابقة.
غياب الحلول وتجاهل السلطات
يتساءل الليبيون عن سبب عدم تدخل السلطات لضبط الأسعار، خاصةً في ظل وجود إيرادات نفطية ضخمة. عبد الرحيم الشيباني، الخبير الاقتصادي، حذر من أن استمرار السحب من الاحتياطي النقدي دون إصلاحات حقيقية سيُفاقم الأزمة، مشيراً إلى أن غياب الموازنة العامة يعكس فشلاً سياسياً ينعكس على حياة المواطنين.
ختاماً، يبدو أن أزمة اللحوم في ليبيا ليست مجرد أزمة أسعار، بل هي نتاج تراكمات اقتصادية وسياسية تحتاج إلى حلول جذرية، قبل أن تتحول اللحوم من سلعة أساسية إلى حلمٍ بعيد المنال.