موجة غلاء تعكر فرحة العيد في ليبيا.. أزمات لا تنتهي
ارتفاع الأسعار يفرض كسوة مستعملة على الأسر الليبية

ليبيا.. كسوة العيد بين الغلاء وأحلام الأسر المنكسرة
في ظل أزمة اقتصادية طاحنة، يواجه الليبيون عيد الفطر هذا العام بوجوهٍ عابسة، حيث تحوّلت طقوس شراء الملابس الجديدة من فرحة مُنتظرة إلى كابوس مالي يُثقل كاهل الأسر. مع اقتراب العيد، تُسجل الأسواق تراجعًا حادًا في الإقبال، في مشهد يعكس عمق الأزمة المعيشية التي تُخيّم على البلاد.
من المتاجر إلى الأسواق المستعملة
“لم أعد أجد ما أشتريه”، بهذه الكلمات لخص طارق الترهوني، أبٌ لثلاثة أطفال، معاناته خلال تجواله بين محلات طرابلس. فسعر الطقم الواحد للأطفال يتجاوز 280 دينارًا، أي ما يعادل نصف راتب موظف حكومي في بعض الحالات. أما سامية الغرياني، فقد اضطرت لشراء ملابس مستعملة لأول مرة، قائلة: “العيد صار رفاهية”.
التجار بين المطرقة والسندان
من جهته، يُحمّل أسعد الدين الجبالي، تاجر ملابس في طرابلس، الأزمة لارتفاع تكاليف الاستيراد، مشيرًا إلى أن “الجمارك ورسوم الشحن تضاعفت، والطلب انخفض بنسبة 60%”. وتُظهر بيانات مصرف ليبيا المركزي أن فاتورة الاستيراد تجاوزت 64 مليون دولار منذ بداية 2024، بينما يعتمد السوق المحلي بنسبة 90% على المنتجات التركية والصينية.
تضخم وسعر صرف.. حلقة مفرغة
يُفسر الخبير الاقتصادي محمد الشيباني الأزمة بالارتفاع المُزمن للدولار، الذي بلغ 6.95 دينار في السوق الموازي، مما رفع أسعار السلع المستوردة. ويُضيف: “الدفع الإلكتروني سهل العمليات، لكنه لم يُعالج اختلالات الاقتصاد”. ورغم ضخ الحكومة لرواتب مارس وزيادة السيولة النقدية، يبقى تأثيرها محدودًا في ظل غياب سياسات داعمة للإنتاج المحلي.
حلول ترقيعية أم إصلاح هيكلي؟
في الوقت الذي تُعلن فيه المصارف عن توفر السيولة، يُشير محللون إلى أن الإجراءات الحالية لا تكفي. فالأسر الليبية، خاصةً ذوي الدخل المحدود، تُنفق نحو 70% من مداخيلها على الغذاء والسكن، مما يُقلص فرصهم في تلبية أبسط متطلبات العيد. وبينما تتجه بعض العائلات لخياطة الملابس محليًا، يبقى السؤال: هل تُدرك الحكومة أن الأزمة تتطلب أكثر من مجرد رواتب مؤجلة؟