ليبيا

احميد لـ “ليبيا 24”: قرار تخفيض الدينار يعكس هشاشة الاقتصاد الليبي

محلل سياسي: الحكومة المنتهية تسهم بتفاقم الأوضاع المعيشية

قرار تخفيض سعر الصرف في ليبيا: تداعيات اقتصادية بأبعاد سياسية واجتماعية

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، أعلن مصرف ليبيا المركزي تخفيض سعر صرف الدينار الليبي، في قرار وصفه المحلل السياسي إدريس احميد، في تصريحات خاصة لـ”ليبيا 24″، بأنه يعكس الواقع الاقتصادي المتردي الذي تعاني منه البلاد، ويكشف عن هشاشة المنظومة المالية التي تعتمد على مورد وحيد هو النفط.

يرى احميد أن القرار أتى في وقت حرج، حيث تواجه الدولة عجزًا متزايدًا في الإيرادات، وسط إنفاق مرتفع وغياب أي سياسة مالية بديلة. ويضيف أن مصرف ليبيا المركزي يسعى من خلال هذه الخطوة إلى ترشيد الصرف والمحافظة على استقرار العملة، بعد أن تعرض الدينار لهزات قوية خلال السنوات الماضية.

لكن التداعيات لن تكون اقتصادية فقط، بل ستطال المواطن الليبي مباشرة، لا سيما الموظفين وأصحاب الدخل المحدود. حيث يتوقع احميد أن يؤدي تخفيض سعر الصرف إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وزيادة حدة التضخم، ما سيزيد من الأعباء على كاهل الفئات الأكثر هشاشة، ويضعف قدرتهم الشرائية، ويعمق معاناتهم اليومية.

ويحذر احميد من تغول السوق الموازية، معتبرًا أن القرار قد يعزز من نشاط السوق السوداء للعملة، ويؤدي إلى احتكار النقد الأجنبي، ما سيؤثر سلبًا على الحركة التجارية ويزيد من تدهور الوضع الاقتصادي العام.

على الصعيد السياسي، يرى احميد أن القرار لم يكن بعيدًا عن الحسابات السياسية، مشيرًا إلى أن الانقسام المؤسساتي والغياب التام لحكومة موحدة ومتماسكة، فتح المجال لتغول أطراف داخلية وخارجية على القرار المالي في البلاد. ويؤكد أن مصرف ليبيا المركزي لا يتمتع باستقلالية حقيقية، في ظل تدخلات أجنبية واضحة، لا سيما من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا، في إدارة الشأن المالي الليبي.

ويربط احميد بين ضعف المؤسسات وتغوّل السلطة التنفيذية الحالية، موضحًا أن حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، فقدت شرعيتها بانتهاء ولايتها، وأخفقت في تنفيذ استحقاقات اتفاق جنيف، وعلى رأسها إجراء الانتخابات وتوحيد المؤسسات. ويصف أداء الحكومة بالفاشل، بسبب غياب التنمية واستشراء الفساد.

أما عن الجانب الاجتماعي، فيؤكد احميد أن الشعب الليبي أصبح ضحية لهذا التدهور، ويعاني من تراجع مستوى المعيشة، وغياب الأمن وفرص العمل، خاصة في المنطقة الغربية. ويضيف أن الحكومة تستمر في تعيينات خارج الملاك وتوزيع المنح كوسيلة للبقاء في السلطة، ما يفاقم من الأزمة الهيكلية في البلاد.

ويرى أن الطبقة الوسطى قد اندثرت تمامًا، وليس من المقبول أن يعيش الشعب الليبي حالة الفقر في دولة غنية بالنفط. ويحمّل المسؤولية للإنفاق المفرط على المليشيات، التي يرى أنها تحمي مصالح الحكومة وليس مصالح الشعب.

كما ينتقد احميد دور الإعلام، الذي قال إنه فقد استقلاليته، وأصبح جزءًا من أدوات الترويج السياسي، بينما وسائل الإعلام الرسمية تمارس الاصطفاف، على حساب الحقيقة والمهنية. أما المجتمع المدني، فيعتبره منغلقًا وغير قادر على التواصل مع الشارع أو لعب دور توعوي حقيقي.

واختتم احميد حديثه بالتأكيد على أن ليبيا ليست بحاجة عاجلة لانتخابات بقدر حاجتها إلى الأمن والتنمية، وأن الطريق للخروج من الأزمة يبدأ بوجود سلطة موحدة قوية، تنهي الانقسام، وتستعيد السيادة الوطنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى