تحشيدات عسكرية بطرابلس تهدد المسار الانتخابي الليبي
صراع النفوذ يعيد التوتر العسكري إلى غرب ليبيا

ليبيا على صفيح ساخن.. تحشيدات عسكرية تهدد الاستقرار الهش
في ظل حالة الترقب التي يعيشها الليبيون لانعقاد الانتخابات الوطنية وتشكيل حكومة توافقية، عادت مشاهد التعزيزات العسكرية إلى طرابلس، مما أثار موجة قلق جديدة من انهيار الأمن الهش وانزلاق البلاد إلى مواجهات مسلحة.
تشهد مناطق متفرقة من غرب ليبيا، وخاصة في محيط طرابلس، تحركات مكثفة للفصائل المسلحة، بدت للعديد من المراقبين وكأنها استعداد لمعركة محتملة. إلا أن محللين يرون أن هذه الخطوات قد تكون مجرد أوراق ضغط في لعبة سياسية معقدة، حيث يتنافس أطراف عديدة على النفوذ في فراغ السلطة الذي تعيشه البلاد منذ سنوات.
صراع النفوذ.. وقود الأزمة
وفقاً للمحلل السياسي عبد الله الديباني، فإن التحركات الأخيرة تعكس صراعاً خفيّاً بين الفصائل المسلحة للسيطرة على الموارد والمراكز الحيوية، خاصة في ظل غياب حكومة ذات شرعية كاملة. وأضاف في تصريح خاص: “ما نشهده ليس تحضيراً لحرب شاملة، بل مناورات تهدف إلى تعزيز المواقع التفاوضية، لكن الخطر يكمن في أن أي خطأ قد يُشعل المواجهات”.
من جهته، يرى الخبير الأمني معتصم الشاعري أن بعض التشكيلات تسعى لبسط هيمنتها على العاصمة، مما يهدد الاستقرار النسبي الذي تشهده المنطقة. وأشار إلى أن “طرابلس ليست ساحة معركة مفتوحة بعد، لكن استمرار التصعيد قد يدفع نحو اشتباكات محدودة يصعب احتواؤها”.
تهديد للمسار السياسي
تأتي هذه التطورات في وقت حساس، حيث تواصل الأمم المتحدة جهودها لإنعاش الحوار السياسي بين الأطراف الليبية تمهيداً للانتخابات. إلا أن تصاعد التوترات العسكرية يضع عقبات جديدة أمام أي تقدم، إذ يخشى مراقبون من أن تؤدي هذه البيئة غير المستقرة إلى تأجيل الاستحقاقات الانتخابية أو إجرائها في ظل ظروف غير مثالية.
كما أن تشكيل حكومة موحدة يبدو مهمة شبه مستحيلة في ظل انقسام المؤسسات الأمنية وتباين ولاءاتها. فبدون سيطرة فعلية على الأرض، تتحول أي حكومة إلى هيكل دون سلطة حقيقية، مما يزيد من تعقيد الأزمة.
هل يتدخل المجتمع الدولي؟
مع تصاعد التحذيرات من انهيار الأمن، يزداد الحديث عن احتمال تدخل دولي جديد لاحتواء الموقف. فليبيا، الغنية بالنفط والموقع الاستراتيجي، تبقى ساحة تنافس للعديد من القوى الإقليمية والدولية. وقد تعيد الأزمة الأخيرة البلاد إلى مربع “التدويل”، حيث يصبح الحل الداخلي أكثر صعوبة.
في الختام، بينما يحاول الليبيون تجنب حرب جديدة، تظل التحشيدات العسكرية جرس إنذار لمخاطر قائمة. ففي غياب رؤية سياسية واضحة ومؤسسات قادرة على فرض النظام، يبقى السيناريو الأسوأ احتمالاً وارداًَ في أي لحظة.