أوحيدة: استدعاء المحافظ خطوة لتشريح التشوّهات الاقتصادية
أوحيدة: إصلاح الميزانية يتطلب محاسبة دقيقة وإغلاق منافذ الفساد

استدعاء محافظ مصرف ليبيا المركزي إلى قبة البرلمان يعيد إلى الواجهة ملفات شائكة تتعلق بالاقتصاد الليبي، في وقت تزداد فيه المطالبات النيابية بإصلاحات جذرية وشفافة تُعيد التوازن المالي للدولة، وتُغلق أبواب الفساد والتلاعب في المال العام.
في هذا السياق، شدد عضو مجلس النواب، جبريل أوحيدة، على أهمية استدعاء المحافظ، معتبرًا أن هذه الخطوة «ضرورية لتوضيح الأسباب الحقيقية وراء تغيّر سعر الصرف، ومعرفة التصورات المطروحة بشأن المعالجة». وأضاف أوحيدة أن الملف الاقتصادي لم يعد يحتمل التأجيل، وأن المجلس مطالب اليوم بتحمّل مسؤولياته كاملة في مواجهة التحديات المالية المتراكمة.
وأشار النائب إلى أن الاقتصاد الليبي يعاني من تشوّهات عميقة، في مقدّمتها آلية مبادلة النفط بالمحروقات بشكل مباشر، مؤكدًا أن هذه الآلية بحاجة إلى مراجعة جذرية. كما لفت إلى ضرورة إعادة النظر في كيفية استفادة المواطن من دعم المحروقات، بطريقة تمنع التهريب وتضمن وصول الدعم إلى مستحقيه، لا إلى شبكات الفساد والتربّح غير المشروع.
ولم يغفل أوحيدة عن الإشارة إلى الإنفاق الخارجي، حيث أكد على وجوب مراجعة مصروفات السفارات والبعثات الدبلوماسية، لما لها من أثر مباشر على الموازنة العامة، مشيرًا إلى أن الإنفاق غير المنضبط في هذه الجوانب “يحدث تشوّهات إضافية” في الهيكل الاقتصادي.
وفيما يتعلق بالموازنة العامة، عبّر النائب عن شكوكه في مدى دقة الأرقام الواردة في الباب الأول الخاص بالمرتبات، وكذلك الباب الثاني المعني بالنفقات التسييرية، مشيرًا إلى وجود ثغرات كبيرة تستوجب التحقيق. وقال: “يجب تشكيل لجان تحقيق للنظر في الأموال المصروفة، ولا أرى أي مبرر واضح لاستمرار الباب الثاني بهذه الطريقة”.
وحمّل أوحيدة مجلس النواب المسؤولية المباشرة عن الوضع القائم، مؤكدًا أنه الجهة التي يجب أن تتصدر جهود الإصلاح، لا سيما في ظل غياب الرقابة الفعالة وضعف التنسيق بين المؤسسات. وأضاف أن البرلمان بات مطالبًا أكثر من أي وقت مضى باتخاذ خطوات فعلية لإصلاح التشوّهات الاقتصادية، وإغلاق منافذ الفساد التي تنخر في جسد الدولة.
كما أشار إلى التحديات الهيكلية التي تحول دون تنفيذ خطط الإصلاح، وعلى رأسها ازدواجية السلطة التنفيذية، موضحًا أنه “من الصعب إعداد قانون ميزانية في ظل وجود حكومتين”، مستذكرًا أن “العام الماضي شهد إعداد قانون للميزانية، لكنه لم يُنفّذ”.
وأكد أوحيدة في ختام حديثه على ضرورة “اتخاذ خطوات شجاعة تتجاوز الخطاب السياسي نحو آليات عملية وشفافة، تُنهي حالة الترهل المالي والإداري، وتُعيد ثقة المواطن في مؤسسات الدولة”.
وبينما ينتظر الشارع الليبي مخرجات جلسة الاستدعاء، تبقى الأسئلة قائمة حول مدى قدرة مجلس النواب على إحداث تغيير حقيقي في السياسة الاقتصادية، وهل ستُفتح ملفات الفساد والمساءلة، أم تظل الممارسات السابقة هي السائدة في ظل غياب حكومة موحدة ورؤية اقتصادية شاملة.