قزيط: ليبيا ساحة صراع دولي والمبعوثون فشلوا فهمها
قزيط: التدخلات الخارجية تعرقل أي مساعٍ أممية للحل

في تصريحات صريحة حملت نبرة نقد حادة، أكد عضو المجلس الأعلى للدولة، بلقاسم قزيط، أن الأزمة الليبية باتت مرآة لصراع دولي محتدم، تتحرك فيه أطراف خارجية على الأرض الليبية، متجاوزة في تدخلها كل أطر السيادة الوطنية، في ظل عجز المبعوثين الأمميين المتعاقبين عن فهم طبيعة الأزمة أو التعامل بفعالية معها.
وقال قزيط إن “ليبيا أصبحت ساحة مكشوفة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، وليس ساحة حوار بين أبناء البلد الواحد كما يُفترض”. وأضاف أن “ما نشهده اليوم من اضطراب سياسي وانقسام مؤسسي وتعثر المسارات التفاوضية ليس إلا نتيجة مباشرة لتغوّل بعض الدول المتصارعة، التي لا تنظر إلى ليبيا كدولة ذات سيادة، بل كمساحة نفوذ وميدان لتحقيق مصالحها”.
وأوضح قزيط أن المبعوثين الأمميين، الذين توالوا على الملف الليبي منذ 2011، “فشلوا في فهم تعقيدات الواقع الليبي، وأغفلوا البنية الاجتماعية والسياسية الخاصة بالمجتمع الليبي”، مشيرًا إلى أن “بعضهم خضع لضغوط دولية وإكراهات فرضتها عليه دول كبرى لها مصالح مباشرة أو غير مباشرة في ليبيا”.
وأكد أن حجم التدخل الخارجي في ليبيا “يفوق بكثير قدرة أي مبعوث أممي على التعامل معه بفعالية”، مشددًا على أن الأزمة لم تكن يومًا ناتجة فقط عن خلافات داخلية، بل هي نتيجة مباشرة لصراع خارجي يتخذ من ليبيا مسرحًا له. وتابع قائلًا: “اللاعبون الإقليميون والدوليون يمارسون أدوارًا تتجاوز أحيانًا حتى حدود التدخل السياسي، لتشمل دعمًا عسكريًا واقتصاديًا لأطراف بعينها، ما يعمق الانقسام ويعرقل أي مسار حقيقي نحو الحل”.
وفي سياق متصل، عبّر قزيط عن تشاؤمه إزاء الجهود الدولية الراهنة، معتبرًا أنها “تفتقر إلى إرادة حقيقية لإنتاج حل شامل وعادل”، مضيفًا: “باستثناء بعض المحطات النادرة التي لمسنا فيها نوعًا من التوازن والنزاهة، فإن أغلب المبادرات الأممية خضعت للتأثيرات الخارجية، ولم تكن مستقلة بالقدر المطلوب لإنجاحها”.
وشدد على أن أي حل دائم في ليبيا يجب أن ينبع من الداخل الليبي، ويتأسس على توافق حقيقي بين مختلف الأطراف الليبية بعيدًا عن الإملاءات الخارجية. “لا يمكن فرض حلول جاهزة على مجتمع له خصوصيته، ولا يمكن اختزال الأزمة الليبية في مجرد خلاف سياسي بين شخصيات أو كيانات”، على حد تعبيره.
واختتم قزيط حديثه بالتأكيد على ضرورة مراجعة شاملة لآلية عمل البعثات الأممية في ليبيا، بما يضمن احترام إرادة الليبيين ويُعيد للمسار السياسي صدقيته، محذرًا من أن استمرار تجاهل الحقائق على الأرض سيؤدي إلى مزيد من الفوضى والانقسام.