
في خطوة تعكس حجم التحديات الاقتصادية التي تواجه ليبيا، عقد مصرف ليبيا المركزي اجتماعًا موسعًا صباح اليوم الأربعاء، جمع محافظ المصرف ناجي محمد عيسى برئيس وأعضاء اللجنة المالية وعدد من أعضاء مجلس النواب، وبمشاركة نائب المحافظ ومديري الإدارات المعنية. الاجتماع الذي انعقد في مقر المصرف، جاء في توقيت حساس تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية مركبة، تحتاج إلى إجراءات جادة وسريعة لاحتوائها.
المصرف المركزي يستعرض مؤشرات الاقتصاد الليبي الراهن
تناول الاجتماع استعراضًا شاملاً لمؤشرات الاقتصاد الكلي، وشمل نقاشًا معمقًا حول الوضعين المالي والاقتصادي العام في ليبيا، في ضوء التحديات المتصاعدة التي فرضتها سنوات من النزاعات والانقسام المؤسسي، والتي أدت إلى تدهور ملحوظ في معدلات الإنتاج والاستثمار، خاصة في القطاع النفطي الذي يُمثل المصدر الرئيسي للدخل القومي.
دعوات نيابية لإجراءات عاجلة لرفع الإيرادات وخفض الإنفاق
عضو مجلس النواب عمار الأبلق صرح في حديث صحفي رصدته “ليبيا 24″، بأن اللقاء كان فرصة مهمة لتبادل وجهات النظر بين السلطة النقدية والممثلين التشريعيين حول أبرز القضايا الاقتصادية. وأوضح أن الاجتماع ارتكز على بيان رسمي صادر عن المصرف المركزي، تضمن شرحًا مفصلًا للوضع المالي الراهن وتحدياته.
ووفقًا للأبلق، فقد قدّم المصرف خلال الجلسة رؤيته المستقبلية لإدارة الإيرادات العامة والنفقات، بما يدعم استقرار سعر صرف الدينار الليبي، ويعزز فرص الاستدامة المالية. وأضاف أن النواب بدورهم عرضوا سلسلة من المقترحات والإجراءات التي يرونها ضرورية لدعم خطة المصرف، مؤكدين أهمية إدراج هذه الرؤية ضمن خطة العمل الوطنية، ليتم لاحقًا تقديمها إلى السلطة التنفيذية للنقاش واتخاذ التدابير اللازمة.
الاقتصاد الليبي يرزح تحت عبء التضخم والبطالة والانقسام المؤسسي
وبينما لا يزال الاقتصاد الليبي يعاني من اختلالات هيكلية، شدد الأبلق على أن هناك ضرورة ملحّة لتطبيق حزمة من الإجراءات الإصلاحية، تستهدف رفع معدلات الإيرادات من جهة، وترشيد الإنفاق من جهة أخرى، للحد من العجز المالي المتزايد وتحقيق التوازن المالي المطلوب.
وتكمن أهمية هذا الاجتماع في كونه جاء في ظل ظروف اقتصادية صعبة، تتسم بارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة الدينار الليبي، إلى جانب تعثر واضح في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية اللازمة. ويبدو أن هناك توجهًا جادًا لدى المصرف المركزي وأعضاء البرلمان لمعالجة تلك التحديات، من خلال خطوات واقعية قابلة للتنفيذ، بدلًا من الاكتفاء بتوصيات نظرية لا تجد طريقها للتطبيق.
ويأمل الليبيون أن تُترجم هذه اللقاءات إلى قرارات فعلية، تُسهم في إعادة بناء الثقة في المؤسسات المالية، وتحقيق نوع من الاستقرار الاقتصادي الذي يمهد الطريق لعودة الانتعاش الاقتصادي، خاصة في قطاع النفط والبنية التحتية والخدمات.
ختامًا، تبدو ملامح التنسيق بين المصرف المركزي ومجلس النواب بداية إيجابية لمسار إصلاحي اقتصادي طويل الأمد، لكنه بحاجة إلى دعم سياسي ومجتمعي واسع النطاق، لضمان الاستمرارية والنجاح.