
قزيط: تعيين رئيس جديد لديوان المحاسبة افتقار للقانون والتوافق
في ظل تصاعد حدة الانقسام السياسي والمؤسساتي في ليبيا، أطلق بلقاسم قزيط، عضو المجلس الأعلى للدولة الاستشاري، انتقادات لاذعة لقرار تعيين أحمد عون ضو رئيسًا جديدًا لديوان المحاسبة من قبل محمد تكالة، معتبرًا أن القرار لا يستند لأي أساس قانوني، ويكرّس الفوضى داخل البنية الإدارية للدولة.
غياب التوافق بين النواب والدولة ينسف قرار التعيين
وفي تصريحات صحفية رصدتها “ليبيا 24″، أكد قزيط أن تعيين رئيس ديوان المحاسبة، وهو منصب سيادي حساس، يجب أن يتم بالتوافق بين مجلسي النواب والدولة، استنادًا إلى الاتفاق السياسي المعتمد. وأشار إلى أن هذا التوافق لم يتحقق بأي صورة، لا من خلال تصويت ولا تمرير رسمي داخل المجلسين، ما يجعل القرار باطلًا من الناحية الدستورية.
وأضاف قزيط أن مثل هذه القرارات الأحادية تسهم في تعميق حالة الارتباك داخل مؤسسات الدولة، وتهدد مسار التوافق الوطني الذي طالما سعت الأطراف الليبية للوصول إليه. وأوضح أن ما وصفه بـ”بعثرة الأوراق” من خلال قرارات انفرادية، لا يؤدي سوى إلى ترسيخ الانقسام وتآكل شرعية المؤسسات.
هذا وتزامنت تصريحات قزيط مع تصاعد التوتر السياسي بين شخصيتي تكالة وخالد المشري، اللذين يتنازعان صفة رئاسة المجلس الأعلى للدولة. حيث أعلن تكالة تعيين أحمد عون ضو خلفًا لخالد شكشك، مع تشكيل لجنة خاصة لتسليم واستلام المهام، في وقت لم يقر فيه أي من مجلس الدولة أو النواب هذا التعيين.
في المقابل، أصدر خالد المشري بيانًا عاجلًا وصف فيه قرار تكالة بـ”غير القانوني”، متهمًا إياه بـ”انتحال صفة”، في مخالفة صريحة للاتفاق السياسي الموقع في بوزنيقة، والذي يشترط التنسيق المسبق بين السلطتين التشريعيتين في البلاد لشغل المناصب السيادية.
عقيلة صالح يرفض القرار ويصفه بالأحادي وغير ملزم
وتعزز هذا الرفض من قبل رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، الذي وجّه تعليمات رسمية إلى الجهات السيادية بعدم الاعتراف بأي تغيير في رئاسة ديوان المحاسبة لم يصدر عن البرلمان، مؤكدًا أن القرار الصادر عن تكالة لا يُعتد به قانونًا، ومحذرًا من العواقب السياسية والأمنية لمثل هذه القرارات الفردية.
كما نقل مصدر مسؤول من رئاسة مجلس النواب وصفًا لتكالة بأنه “موظف لدى حكومة الدبيبة”، مشيرًا إلى أن القرار صدر من “مكان أمني معروف في طرابلس” وبتوجيه من المفتي السابق الصادق الغرياني، في اتهام مباشر بتسييس مؤسسات الدولة السيادية.
وتكشف هذه التطورات عن اتساع هوة الخلاف بين الأطراف الليبية، في ظل غياب سلطة موحدة قادرة على فرض القانون، واستمرار النزاع حول شرعية التمثيل داخل المجلس الأعلى للدولة، مما يجعل من قرار تعيين رئيس جديد للديوان، مجرد حلقة ضمن سلسلة صراعات تهدد بتقويض ما تبقى من استقرار مؤسسي في ليبيا.
وفي هذا السياق، طالب قزيط بالعودة الصارمة للمسارات القانونية والدستورية في شغل المناصب السيادية، مشددًا على أن الحفاظ على هيبة المؤسسات الليبية واستمرار عملها يتطلب الابتعاد عن القرارات الأحادية التي تؤجج الصراع ولا تخدم مسار بناء الدولة.