دولى

رسو “ماونت ويتني” في طرابلس يثير جدلًا استراتيجيًا

واشنطن تعيد تموضعها في ليبيا عبر البوابة العسكرية

ليبيا 24

أعادت زيارة مفاجئة لقائد الأسطول السادس الأمريكي، برفقة السفير الأمريكي لدى ليبيا، إلى الواجهة مجددًا أسئلة قديمة عن مدى جدية التحركات الأمريكية في البلاد، خاصة بعد رسو السفينة الحربية “USS Mount Whitney” في ميناء طرابلس، في مشهد لم يخلُ من رسائل عسكرية مشفّرة وسياسية مباشرة.

الزيارة التي أتت تحت غطاء “تعزيز التعاون الأمني”، حملت في طيّاتها، بحسب مراقبين، ما يتجاوز تنسيقًا تقنيًا أو دعمًا لجهود الاستقرار، إلى محاولة واضحة لإعادة تموضع الولايات المتحدة عسكريًا في شمال إفريقيا، انطلاقًا من البوابة الليبية، وبخاصة العاصمة طرابلس، ذات التعقيد السياسي والميداني.

ويصف المحلل السياسي محمد امطيريد هذا الحضور بأنه “رمز لتدخل استراتيجي أمريكي مباشر”، مشيرًا إلى أن رمزية الأسطول السادس لا يمكن قراءتها بمعزل عن خريطة النفوذ الدولية المتشابكة في ليبيا، لاسيما أن هذا الأسطول يُعد من أبرز الأذرع البحرية العسكرية الأمريكية.

ويوضح امطيريد أن الزيارة تأتي استكمالًا لخطة وضعتها وزارة الدفاع الأمريكية منذ أعوام، تسعى من خلالها إلى إرساء قواعد نفوذ عبر تشكيل قوات ليبية مشتركة، قد تكون نواة لإعادة بناء المؤسسة العسكرية وفق رؤية أمريكية، موضحًا أن هذا “الانخراط العسكري” قد يكون وسيلة للضغط أو للتهيئة لمرحلة سياسية مقبلة تضمن مصالح واشنطن.

من جهته، يرى المحلل السياسي نصرالله السعيطي أن الولايات المتحدة لا تتحرك بعشوائية، وإنما وفق استراتيجية تقوم على “بسط السيطرة في الغرب الليبي”، والعمل على منع أي أطراف منافسة من الاقتراب من طرابلس، مستشهدًا بالرسائل العسكرية المصاحبة لرسو السفينة، التي اعتبرها “تحذيرًا مبطنًا لأي طرف يهدد الهيمنة الأمريكية”.

ويضيف أن واشنطن باتت تعتبر طرابلس نقطة ارتكاز لتدخلها الشامل، مستندة في ذلك إلى تحالفات محلية ومظلة دعم من حلف شمال الأطلسي “الناتو”، لافتًا إلى أن التحركات الأخيرة تكشف نية في فرض أمر واقع سياسي جديد، تمهيدًا لإجراء انتخابات شكلية أو مشروطة.

ويحذر السعيطي من أن واشنطن لا تطرح حلولًا مشتركة، بل تسعى – بحسب وصفه – “للاستئثار الكامل بثروات البلاد”، معتبرًا أن التدخل الأمريكي ليس سوى حلقة ضمن سلسلة أكبر من سياسات إعادة التموضع في إفريقيا، حيث تُعد ليبيا بوابة استراتيجية نحو عمق القارة.

ويختم حديثه بالتشديد على أن السياسة الأمريكية في ليبيا لا تتسم بالثبات أو الالتزام الأخلاقي، بل تخضع لمعادلات الربح والخسارة، مشيرًا إلى أن “أمريكا لا تصادق، بل تبحث عن أدوات تنفيذية تخدم مصالحها، سواء عبر الدعم العسكري أو عبر صفقات سياسية في الخفاء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى