ليبيا

أزمة غسل الكلى في ليبيا.. مرضى بين الإهمال ونفاد الوقت

تحذيرات طبية من كارثة إنسانية بسبب نقص مستلزمات الغسل الكلوي

ليبيا 24
أزمة غسل الكلى في ليبيا: صرخة مرضى تُغيّبها الفوضى والفساد

في ظل انهيار متواصل للقطاع الصحي، يعيش مرضى الفشل الكلوي في ليبيا على وقع معاناة يومية، بين نقص حاد في المستلزمات الطبية، وإهمال حكومي متكرر، وفساد يستنزف الموارد المخصصة لإنقاذ حياتهم. ففي 12 أبريل الجاري، أطلق المركز الوطني لعلاج وجراحة القلب في تاجوراء نداء استغاثة عاجلاً، محذراً من توقف أجهزة غسل الكلى بسبب عدم توريد الجهاز المختص بالشحنات الطبية اللازمة.

تحذيرات متكررة.. وإجراءات بطيئة
رغم تكرار الرسائل الرسمية من المركز إلى جهاز الإمداد الطبي – الجهة الوحيدة المسؤولة عن التوريد – لم يتم الرد أو تلبية الطلبات. يقول حمود أبو دبوس، رئيس المنظمة الوطنية للتبرع بالأعضاء (أهلية): “المرضى لا يملكون رفاهية الانتظار، فجلسات الغسل هي شريان حياتهم اليومي”. ويشير إلى أن أكثر من 90 وحدة غسل كلى في ليبيا تعاني من شح الإمكانات، ما يدفع المرضى لقطع مئات الكيلومترات بحثاً عن مركز يعمل.

خطة ترقيعية.. وأزمة مزمنة
بدلاً من حلول جذرية، تعتمد الجهات المعنية على إرسال كميات متقطعة تنفد خلال أشهر، بينما يقترح بعض المسؤولين توفير 30% فقط من الاحتياجات – وهو ما يصفه أبو دبوس بـ”العودة إلى نقطة الصفر”. ويطالب بإنشاء مخزون استراتيجي يكفي لعام كامل، خاصة مع تزايد أعداد المرضى.

غياب البيانات.. وغياب الحلول
تكشف الأزمة فشلاً مؤسسياً آخر: عدم وجود قاعدة بيانات وطنية تحصر عدد المرضى وتحدد احتياجاتهم بدقة. فوزارتا الصحة في حكومتي طرابلس وبنغازي تتجاهلان هذا الملف، مما يحول دون وضع خطط استباقية. وفي المقابل، تكتفي الحكومات بدعوة المنظمات الأهلية لسد العجز، رغم محدودية إمكاناتها.

الفساد.. القاتل الصامت
في فبراير الماضي، كشف النائب العام عن قضايا فساد طالت مسؤولين في مركز غسل الكلى بالأبيار (بنغازي)، حيث حوّلوا أموال الصيانة والدعم إلى حسابات شخصية. كما أعلن أبو دبوس عن وفاة 170 مريضاً عام 2024، رغم إنفاق 13 مليار دينار على القطاع الصحي خلال 3 سنوات.

صوت المرضى: بين اليأس والأمل
تقول أم منال، والدة مريض عشريني: “القرارات الحكومية قد تنقذ الجيل القادم، لكن من ينقذ أبناءنا اليوم؟”. ورغم ثقتها بالكفاءات الطبية، فإن خوفها من توقف الجلسات فجأة يظل قائماً.

ختاماً، تؤكد الأزمة الحاجة إلى تحرك عاجل وشامل، بدءاً من محاسبة الفاسدين، ومروراً بإنشاء نظام صحي مستدام، وانتهاءً بضمان حقوق المرضى الذين يدفعون ثمن غياب الدولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى