
ليبيا 24
تصاعد خطير لتعاطي المخدرات في ليبيا.. والأرقام تنذر بكارثة صحية واجتماعية
الشباب في الواجهة.. وغياب السياسات العلاجية يعمّق الأزمة
في ظلّ تفاقم أزمة تعاطي المخدرات في ليبيا، كشفت إحصائية حديثة صادرة عن المركز الوطني لعلاج وتأهيل المدمنين عن استقبال 430 مريضاً خلال الربع الأول من العام 2025، وهو ما يعكس مؤشرات مقلقة على مدى اتساع الظاهرة وتهديدها لمستقبل الشباب في البلاد.
وبحسب بيان المركز، فإن الحالات تم استقبالها من 30 منطقة ومدينة ليبية، وسط غياب أيّ أرقام رسمية دقيقة بشأن حجم المدمنين على المستوى الوطني، ما يعكس ضعف المنظومة الإحصائية في التعامل مع هذه الأزمة.
72% من المتعالجين دون الثلاثين
تشير المعطيات إلى أن الفئة الشبابية هي الأكثر تأثراً، إذ شكل من تقل أعمارهم عن الثلاثين 72% من إجمالي المرضى الذين خضعوا لبرامج الإيواء والعلاج، بواقع 17 حالة دون العشرين عاماً و61 حالة بين العشرين والثلاثين. وتتناقص النسبة تدريجياً مع تقدم العمر، ما يؤكد أن الشباب هم الوقود الحقيقي لأزمة الإدمان المتصاعدة.
الإحالات الطوعية تتزايد
البيانات أوضحت أن 43 مريضاً وصلوا إلى المركز بشكل طوعي، بينما أحال الأهل 58 مريضاً و76 متعافياً. كما استقبل المركز 6 حالات محالة من النيابة العامة. ويعكس ذلك تحسناً نسبياً في الوعي بخطورة الإدمان، لكنه يظل غير كافٍ في ظلّ الحجم الكبير للمشكلة.
أرقام ضخمة للمضبوطات.. و620 مليون دينار خسائر
من جهة أخرى، أفاد جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية أنه تمكن من ضبط أكثر من 8 ملايين قرص مهلوس خلال عام 2024، إلى جانب أكثر من 759 كيلوغراماً من الكوكايين، وهي كميات ضخمة تشير إلى حجم السوق السوداء. كما تم تسجيل 2079 متهماً في قضايا المخدرات، غالبيتهم من الليبيين.
ورغم عدم تسجيل أي حالة لتعاطي بين النساء، إلا أن بعض التقارير الأمنية أكدت انخراط عدد من النساء في شبكات توزيع وبيع المواد المخدرة، ما يعكس تحول الظاهرة إلى خطر مجتمعي شامل.
غياب خطط حكومية وقلق من المستقبل
الطبيب النفسي فوزي والي أكد في تصريحات صحفية أن الأرقام الرسمية تمثل جزءاً بسيطاً من الواقع الحقيقي، مشيراً إلى أن الكميات المضبوطة لا تعادل إلا ربع ما يتم تهريبه فعلياً إلى البلاد، مستشهداً بوجود مصانع ومزارع محلية للمخدرات في مناطق مختلفة.
ويحذر والي من خطورة الفراغ الأمني والسياسي، مؤكداً أن الحدود المفتوحة خلقت بيئة مثالية لانتشار المخدرات. كما لفت إلى نقص فادح في التجهيزات والكوادر بمراكز العلاج، مما يعوق جهود الإنقاذ.
دعوات لخطة وطنية عاجلة
وفي ظلّ هذا المشهد المظلم، شدد والي على ضرورة إطلاق خطة وطنية عاجلة تتضمن تنسيقاً أمنياً محكماً، إلى جانب دعم مراكز العلاج وتعزيز القوانين وتكثيف حملات التوعية، خاصة في أوساط الشباب. وقال: “الأزمة باتت تهدد المجتمع من الداخل.. وإذا لم نتحرك الآن، فالثمن سيكون باهظاً”.