ليبيا

تيتيه تفتح نار التصريحات.. والليبيون يردّون: الحل يبدأ بتوحيد الحكومة لا الاستفتاء

تيتيه تثير الجدل مجددًا والردود الليبية تتصاعد بقوة

ليبيا 24
خلاف ليبي حاد بين الاستفتاء على الدستور وتوحيد الحكومة

أثارت تصريحات المبعوثة الأممية الخاصة إلى ليبيا، هانا تيتيه، بشأن تباين أولويات الأطراف الليبية بين الاستفتاء على الدستور وتشكيل حكومة موحدة، موجة من الانتقادات والتساؤلات حول نوايا البعثة الأممية ودورها في الأزمة الليبية. فقد اعتبر سياسيون ليبيون أن تصريحها الأخير ليس إلا انعكاسًا لتوجه أممي يُطيل أمد الأزمة، ويكرّس الانقسام بدل معالجته.

في هذا السياق، عبّر عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي عن قلقه مما وصفه بـ”التوصيف المضلل” للواقع الليبي، قائلًا إن اختزال موقف المنطقة الشرقية في السعي لتشكيل حكومة، مقابل رغبة الغربية في الاستفتاء، هو تبرير يسعى لكسب الوقت لصالح السلطة الحالية. العرفي شدّد على أن ما يحدث ليس سوى “دوران في حلقة مفرغة”، لن تفضي إلى انتخابات حقيقية ولا إلى دولة مستقرة.

ذات الرؤية تقاطع معها موقف عادل كرموس، عضو المجلس الأعلى للدولة، الذي قال إن البعثة الأممية لم تعد تطرح حلولًا بل تساهم في العرقلة، معتبرًا أن رفض قوانين لجنة 6+6 بحجة عدم التوافق “هو تعطيل ممنهج لأي تقدم”. وأشار إلى أن مجلس النواب كان قد أحال قانون الاستفتاء إلى المفوضية منذ سنوات، لكن دون تنفيذ، وهو ما يدل على غياب الإرادة الدولية الحقيقية.

أما عضو مجلس الدولة الاستشاري أحمد لنقي، فانتقد بشدة أسلوب المبعوثين الأمميين المتعاقبين، مؤكدًا أنهم يديرون الأزمة بدل حلها. وأوضح أن الحل الوحيد يكمن في صياغة دستور توافقي يخرج البلاد من المرحلة الانتقالية، مؤكدًا أن تصريحات تيتيه لا تختلف عن سابقيها الذين لم يحققوا تقدمًا ملموسًا.

وفي ذات الاتجاه، أبدى عصام الجهاني، عضو مجلس النواب، استغرابه من غياب الاهتمام الدولي بملف الاستفتاء الدستوري، مؤكدًا أن مثل هذه الخطوة قد تحسم كثيرًا من الجدل السياسي والاجتماعي. وأضاف أن غالبية من يدعون إلى انتخابات برلمانية فقط، هم مرشحون سابقون يسعون للحفاظ على فرصهم، ما يُضعف من نزاهة الطرح. واعتبر أن البعثة تركّز على توافق شكلي دون التطرق إلى جذور الأزمة، وفي مقدمتها غياب الدولة الموحدة.

الرد الأكثر وضوحًا جاء من الائتلاف الوطني لأبناء ليبيا، حيث أكد أمينه العام أن ما يُطرح من مطالبات بتقديم الاستفتاء على توحيد الحكومة، ما هو إلا غطاء لمحاولات البقاء في السلطة. وأضاف أن الأولوية الوطنية لا يمكن أن تكون في أي استحقاق انتخابي أو دستوري قبل توحيد المؤسسات، وإقامة حكومة مركزية قوية تضمن عدالة توزيع الموارد وفرض سيادة القانون.

أما منال أبو عميد، المنسقة العامة للتحالف الليبي لأحزاب التوافق الوطني، فهاجمت تصريحات تيتيه بوصفها استنساخًا لمواقف فاشلة سابقة. وقالت إن البعثة تحاول فرض عراقيل جديدة لإطالة أمد الأزمة، مؤكدة أن الوضع الاقتصادي والأمني لم يعد يحتمل مماطلات إضافية. ودعت إلى تشكيل حكومة موحدة فورًا، مهمتها إجراء انتخابات في إطار زمني واضح ومُلزم.

وفي مقابل هذه المواقف المتعددة، بدت تصريحات تيتيه وكأنها تؤجج الخلاف بدل أن تطرحه للنقاش. فهي رغم تأكيدها أن كل المؤسسات الليبية “قد تجاوزت ولاياتها”، فإنها تبرر بقاء الوضع القائم بتباين الأولويات بين الشرق والغرب، وتُغفل أن وحدة السلطة التنفيذية هي الأساس الذي يمكن من خلاله إنجاح أي استحقاق، سواء دستوري أو انتخابي.

الملفت أن تيتيه نفسها أقرت بوجود جماعات مسلحة تؤثر على المسار السياسي، وباركت استمرار العمل مع لجنة 5+5 للحفاظ على وقف إطلاق النار، لكنها لم تُقدم خريطة طريق حقيقية لتجاوز حالة الانقسام. وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول فعالية دور البعثة الأممية، ومدى التزامها بالحياد والدفع نحو مسار يُفضي إلى الاستقرار.

في ظل هذا المشهد، تتزايد الدعوات الليبية إلى إعادة ترتيب الأولويات، على رأسها تشكيل حكومة موحدة قادرة على فرض القانون، يليها استحقاق دستوري وانتخابي يُنهي المرحلة الانتقالية التي طالت أكثر من عقد، وأفرزت مشهدًا هشًا تتقاذفه المصالح والوصايات الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى