الرعيض يعتذر بعد جدل المقاطعة.. والمواطنون يواصلون الضغط الشعبي
موجة المقاطعة مستمرة رغم توضيحات واعتذار النائب

ليبيا 24
اعتذار وتوضيح رسمي
أثار النائب في مجلس النواب ورجل الأعمال محمد الرعيض، جدلاً واسعًا عقب تصريحاته الأخيرة التي دعا فيها إلى رفع الدعم عن الوقود والكهرباء والماء، ما أدى إلى إطلاق حملة مقاطعة واسعة لمنتجات شركته. وبعد تصاعد الغضب الشعبي، أصدر الرعيض بيانًا يوضح فيه موقفه، مقدّمًا اعتذارًا عن طريقة الطرح، ومؤكدًا أن تصريحاته جاءت “بدافع الغيرة والحرص على وضع المواطن الليبي المعيشي”.
وأوضح الرعيض في مقطع مرئي تحصلت عليه “ليبيا 24” أن حديثه كان عبارة عن أفكار وتوصيات مأخوذة من تجارب دولية مطبقة بنجاح في بلدان أخرى، مشيرًا إلى أن إصلاحات مثل استبدال الدعم العيني بدعم نقدي، وإعادة التوازن بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، هي سياسات قابلة للنقاش والتعديل بما يتماشى مع الواقع الليبي، ولا ينبغي أن تُفسر كموقف ضد المواطن.
ورغم هذه التوضيحات، لم تتوقف حملة المقاطعة التي يقودها ناشطون ومواطنون على وسائل التواصل الاجتماعي. وأكد الناشط إيهاب العمامي، أحد الداعمين للحملة، أن الاعتذار لم يكن كافيًا، وأن التصريحات الأصلية “تعبّر عن توجه اقتصادي خطير يضر بمصالح المواطن البسيط”.
وأشار إلى أن استمرار الحملة مرتبط بسلوك فعلي وليس فقط اعتذار لفظي، داعيًا الرعيض إلى اتخاذ خطوات عملية تبين وقوفه إلى جانب المواطن، وليس فقط طرح رؤى اقتصادية من موقع رجل أعمال.
انعكاسات اقتصادية لافتة
وقد انعكست الحملة بشكل واضح على السوق، إذ تراجعت مبيعات الشركة المستهدفة بنسب كبيرة، وبلغت بعض المنتجات مرحلة انتهاء الصلاحية نتيجة انخفاض الطلب. وأكد خبراء أن هذا التراجع يعكس حجم الغضب الشعبي، ومدى تأثير حملة منظمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
الخبراء يطرحون أسئلة مهمة
الخبير الاقتصادي علي المحمودي شدد على أهمية النقاش حول سياسات الدعم، لكنه اعتبر أن أي خطوة إصلاحية يجب أن تكون مدروسة بعناية، وتقوم على مبدأ العدالة الاجتماعية، مع آليات شفافة تحول دون الإضرار بالطبقات الهشة. وأضاف أن تجارب الدول لا يمكن نقلها دون تكييفها مع الواقع المحلي.
كما أوضح المحمودي أن الربط بين التعليم وسوق العمل يتطلب إصلاحات هيكلية، لا يمكن تحميل أعبائها للطالب أو المواطن فقط، بل يجب أن تبدأ من أعلى الهرم السياسي والاقتصادي.
ثقافة جديدة تتشكل
الأكاديمي فرج المجريسي يرى أن حملة المقاطعة، حتى مع اعتذار الرعيض، تمثل حالة متقدمة من الوعي المجتمعي، حيث بات المواطن يرى نفسه شريكًا في النقاش العام، ومؤثرًا حقيقيًا في السياسات الاقتصادية، عبر أدوات مدنية سلمية كالعصيان الاستهلاكي.
وأكد أن الاعتذار، رغم أهميته، لن يكون نهاية المطاف، بل يجب أن يتبعه حوار مجتمعي حقيقي يضمن ألا تتكرر مثل هذه التصريحات دون مساءلة. واعتبر أن ما يجري حاليًا يشكل نموذجًا مهمًا لرد الفعل الشعبي المسؤول والمبني على الدفاع عن الحقوق الأساسية.