ليبيا

الدبيبة يبحث عن حلول في جيوب الليبيين ويغفل مراكز الهدر الحقيقي

مقترحات دعم بديلة تشعل نقاشاً محتدماً بين الليبيين

ليبيا 24

مخاوف شعبية وتحفظات سياسية تتصاعد إزاء خطط الحكومة

أثار إعلان رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، عبد الحميد الدبيبة، حول إمكانية رفع الدعم عن الوقود، والاكتفاء بتقديم بدائل نقدية للمواطنين، موجةً من القلق والتحفظات لدى قطاعات واسعة من الليبيين، سواء على المستوى الشعبي أو داخل الأوساط السياسية والاقتصادية. وتتمحور مبادرة الدبيبة حول ثلاث صيغ بديلة، تشمل الدعم النقدي المباشر، أو زيادة المرتبات، أو توزيع حصة وقود مدعمة عبر بطاقات إلكترونية.

ورغم تعهد الحكومة بأن هذه الخطوة تهدف إلى وقف نزيف التهريب وتخفيض فاتورة الإنفاق، إلا أن مفاعيلها المحتملة على الأسعار ومستوى المعيشة أدخلت الملف في دائرة الجدل المتصاعد.

تحذيرات من تداعيات اجتماعية وفوضى سعرية

عضو المجلس الأعلى للدولة، علي السويح، عبّر عن مخاوفه من تداعيات تطبيق هذه البدائل، مشيراً إلى أن أي دعم نقدي إضافي قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع، دون ضمانات حكومية باستمرارية التمويل. وأكد السويح أن غياب العدالة في تطبيق القرار بين مناطق سيطرة الحكومتين قد يُفضي إلى تهريب داخلي للوقود.

كما انتقد استمرار الإنفاق المبالغ فيه على البعثات الدبلوماسية ورواتب كبار المسؤولين، معتبراً أن المواطن لا ينبغي أن يتحمل نتائج السياسات الحكومية الفاشلة، في ظل غياب خطة واضحة لترشيد الإنفاق أو مكافحة الفساد.

صوت مؤيد وسط انتقادات الأغلبية

في المقابل، برزت بعض الأصوات المؤيدة، مثل المستشار زياد دغيم، الذي دعا إلى تعويض المواطنين مباشرة بمبلغ يصل إلى عشرة آلاف دينار سنوياً، بدلاً من دعم الوقود. أما النائب محمد الرعيض، فذهب أبعد من ذلك باقتراح رفع الدعم عن الكهرباء والمياه أيضاً، وهو ما قوبل بحملة انتقاد شعبية طالت حتى مصالحه التجارية.

أكاديميون يشككون في جاهزية الدولة

وحذر أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي، الدكتور أيوب الفارسي، من أن الإصلاحات المقترحة تفتقر إلى الأرضية المناسبة للتنفيذ. ولفت إلى أن الدولة الليبية لا تزال تفتقد لاستقرار سياسي ولشبكة حماية اجتماعية، مما يجعل تطبيق الدعم النقدي محفوفاً بالمخاطر. وأشار الفارسي إلى تضخم بند الرواتب، الذي يستنزف أكثر من نصف الميزانية، متسائلاً عن قدرة الحكومة على زيادته مجدداً.

وأضاف أن نظام البطاقات الذكية يحتاج إلى بنية تحتية تقنية ومؤسساتية غير متوفرة حالياً، وبالتالي فإن الحديث عن هذه البدائل يظل سابقاً لأوانه.

غياب الثقة يعمق الفجوة بين المواطن والحكومة

وأكد مراقبون أن الأزمات المتكررة، وغياب الشفافية في إدارة الإيرادات النفطية، جعلت المواطن الليبي فاقداً للثقة بأي خطوات اقتصادية قد تمس دعائم معيشته. ويُعد دعم الوقود أحد الامتيازات القليلة التي يشعر عبرها المواطنون بالمساواة، في ظل تدني مستوى الخدمات الأساسية.

رئيس الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية، أسعد زهيو، أشار إلى أن الرفض الواسع داخل الأوساط النيابية والسياسية سيُعيق تنفيذ المقترحات، رغم توافق الحكومتين المبدئي عليه. واعتبر أن أي خطوة أحادية من إحدى السلطتين سيتم استغلالها سياسياً من الطرف الآخر.

أرقام مقلقة وثروات مهدرة

وتشير بيانات ديوان المحاسبة إلى أن نحو ثلث إنتاج النفط يتم مبادلته بالمحروقات، في مخالفة واضحة للقانون المالي، بتكلفة تجاوزت 40 مليار دينار. ويُباع لتر الوقود محلياً بـ0.150 دينار فقط، ليكون من الأرخص عالمياً، ما يغري بتهريبه إلى الخارج.

وسط هذا الواقع المعقد، يبقى مستقبل خطة رفع الدعم مرهوناً بتوفر ضمانات حقيقية للمواطن، وتحقيق توافق سياسي، وإصلاحات مؤسساتية تعيد الثقة في قدرة الدولة على حماية مواطنيها لا تحميلهم عبء فشلها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى