مصرف ليبيا يعتزم سحب ورقة 20 دينار القديمة
خطة نقدية لسحب العملة وتعزيز الاستقرار المالي المحلي

ليبيا 24
ليبيا تمضي قُدمًا في إصلاحاتها النقدية
كشف مصدر رفيع في مصرف ليبيا المركزي عن اعتزام المؤسسة سحب ورقة العشرين دينار من الإصدارين الأول والثاني خلال هذا العام. وتُقدّر القيمة الإجمالية للأوراق النقدية المستهدفة بحوالي 14.3 مليار دينار ليبي، في خطوة تكمّل مسارًا بدأ سابقًا مع سحب ورقة الخمسين دينار، التي بلغت قيمتها نحو 13 مليار دينار.
السيطرة على السيولة وتقليص السوق الموازية
يأتي هذا القرار ضمن سياق أوسع يتضمن إعادة هيكلة الكتلة النقدية المتداولة خارج الجهاز المصرفي، حيث يسعى المصرف المركزي إلى تقليص السيولة المفرطة غير الرسمية، التي تُعتبر أحد المحركات الرئيسة للسوق السوداء وغسيل الأموال. ووفق النشرة الاقتصادية الرسمية الصادرة عن المصرف، فإن حجم النقد المتداول خارج المنظومة المصرفية بلغ حتى نهاية 2024 نحو 45.9 مليار دينار، دون احتساب العملة المطبوعة في روسيا، التي تُقدّر بـ23 مليار دينار إضافية.
خبراء: القرار سليم لكن التنفيذ الحذر ضروري
الخبير الاقتصادي الليبي، عادل المقرحي، أشار إلى أن مثل هذه الخطوات عادة ما تأتي استجابة لتحولات اقتصادية كبرى، أو في ظل نسب تضخم مرتفعة، مؤكداً أن نجاحها يرتبط ارتباطًا مباشرًا بمدى توافر السيولة البديلة، وتسهيل الخدمات المصرفية في كافة أنحاء البلاد، لا سيما في المناطق النائية. وأضاف أن بناء الثقة بالعملة الوطنية لا يتم بمجرد سحب الورق القديم، بل عبر استراتيجيات متكاملة تشمل الإصلاح المؤسسي والشفافية.
أما المصرفي معتز هويدي، فقد شدد على أهمية تعزيز وسائل الدفع الإلكترونية، معتبرًا أن التخلص من الأوراق النقدية الرديئة يجب أن يترافق مع تحفيز استخدام القنوات الرقمية الآمنة، ما يُسهم في تقليص الاقتصاد غير الرسمي ويمنح المصرف المركزي قدرة أكبر على مراقبة حركة الأموال.
تحديات التنفيذ وضمان الثقة الشعبية
في السياق ذاته، حذّر الخبير جمعة المنتصر بالله من مغبة تكرار سيناريوهات تعثر تطبيق الإجراءات النقدية السابقة، مطالبًا السلطات المعنية بضمان انسيابية عمليات استبدال الأوراق وتوفير شبكة مصرفية ميسّرة في جميع المدن والقرى. وأضاف أن خطوة سحب العملة تمثل فرصة لإعادة تنظيم السوق النقدي، لكنها تتطلب سياسات متوازنة تُراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي للمواطن.
وأكد المنتصر أن تحسّن جودة النقد المتداول سيساعد في رفع كفاءة التداول اليومي، كما أن حصر السيولة داخل النظام المصرفي يعزز من قدرة الدولة على توجيه الموارد بشكل فعّال.
رؤية مستقبلية لاقتصاد أكثر استقرارًا
يأمل مصرف ليبيا المركزي أن يسهم هذا التحول في خفض حجم الاقتصاد الموازي، وتوجيه السيولة نحو قنوات أكثر إنتاجية واستقرارًا. ويُعد القرار أحد أبرز معالم استراتيجية نقدية طويلة الأمد، تهدف إلى إرساء نظام مصرفي أكثر شفافية وحداثة، بما يتماشى مع خطط التحول الرقمي ومكافحة الفساد المالي.