استشهاد طفل في غزة بسبب سوء التغذية
عدد ضحايا "سلاح التجويع" الإسرائيلي يرتفع إلى 58

في مأساة جديدة تؤكد حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، أعلنت مصادر طبية وفاة الطفل محمد مصطفى ياسين، البالغ من العمر أربع سنوات، نتيجة مضاعفات حادة ناجمة عن سوء التغذية، ليرتفع بذلك عدد ضحايا الجوع المباشر في القطاع إلى 58 شخصاً منذ بدء الحصار الإسرائيلي المشدد قبل 80 يوماً.
وأكدت المصادر ذاتها أن الوفيات الناتجة عن نقص الغذاء والدواء بلغت 242 ضحية، معظمهم من الأطفال وكبار السن، مشيرة إلى أن هذه الأرقام تمثل جانباً فقط من الأزمة الصحية التي باتت تعصف بقطاع يعيش تحت حصار خانق وانهيار تام للبنية التحتية الصحية والإغاثية.
حصار خانق ومجاعة وشيكة
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ سياسة تجويع ممنهجة تستهدف نحو 2.4 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة، عبر الإغلاق الكامل للمعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية المتكدسة على الحدود منذ الثاني من مارس الماضي. وقد حذرت منظمات إنسانية دولية من أن غزة دخلت بالفعل مرحلة “المجاعة” وفق التصنيفات المعتمدة دولياً، مع تدهور الأمن الغذائي إلى مستويات كارثية.
في غضون ذلك، وسّع الاحتلال من عدوانه العسكري في شمال وجنوب القطاع، مكملاً بذلك أدوات حرب الإبادة الجماعية التي تشمل إلى جانب القصف والدمار، التجويع والحرمان الممنهج من أبسط مقومات الحياة.
تحذيرات دولية وتصعيد إسرائيلي
وفي تطور لافت، أصدرت 80 دولة بيانًا مشتركًا موجهًا إلى الأمم المتحدة، وصفت فيه الأوضاع في غزة بأنها تمثل “أسوأ أزمة إنسانية” منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023، محذرة من أن المدنيين في القطاع يواجهون خطر “المجاعة” الوشيكة.
من جهته، قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، إن ما يصل من مساعدات إلى القطاع لا يرقى إلى حجم الكارثة، واصفًا هذه الكميات بأنها “إبرة في كومة قش”. وأكد لازاريني أن ما يحتاجه القطاع لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية هو 500 إلى 600 شاحنة مساعدات يوميًا تُدار من قبل الأمم المتحدة، بما في ذلك الأونروا.
رفض دولي لخطط الإمداد الإسرائيلية
على صعيد متصل، انتقدت الأمم المتحدة والمجتمع الإنساني الدولي المخطط الإسرائيلي الذي يروج لتحويل مدينة رفح إلى مركز رئيسي لتوزيع المساعدات، في محاولة مكشوفة لإجبار السكان على النزوح شمالًا أو البقاء في ظروف غير إنسانية.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، أن المنظمة الدولية ترفض أي مخطط لا يحترم القانون الدولي الإنساني ومبادئ الحياد والاستقلال. كما شدد لازاريني على أن المخطط الإسرائيلي “لن ينجح”، مؤكدًا أنه يفتقر إلى البعد الإنساني ويبدو أنه يخدم أهدافًا عسكرية أكثر من تقديم إغاثة حقيقية للمدنيين.
خطر المجاعة يهدد ملايين
ووفقًا لبيانات برنامج الأغذية العالمي، فإن نحو مليوني شخص في قطاع غزة معرضون لخطر الجوع الشديد والمجاعة، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فورية لفتح المعابر وتقديم الإمدادات الأساسية بشكل آمن ومنظم.
كارثة غير مسبوقة
منذ السابع من أكتوبر الماضي، يواصل الاحتلال ارتكاب جرائم إبادة جماعية في القطاع، شملت القصف المكثف والتجويع والتهجير القسري، ما أسفر عن أكثر من 176 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود ومئات الآلاف من النازحين الذين يعانون أوضاعاً إنسانية مروعة.
في ظل هذا الواقع المأساوي، لا تزال النداءات الدولية عاجزة عن وقف آلة الحرب الإسرائيلية، وسط تجاهل متواصل لأوامر محكمة العدل الدولية بوقف الانتهاكات وفتح المعابر الإنسانية.