غلاءٌ متصاعدٌ يحاصر الأُسرَ الليبيّة: الدينارُ يترنّح والأسواقُ تشتعل
أزمةُ الأسعارِ تكشفُ هشاشةَ الرقابةِ وتضعُ المواطنَ في مهبّ التضخّم

ليبيا 24
ارتفاع الأسعار يُنهك الأسر محدودة الدخل
تشهد أسواق المدن الليبية منذ مطلع العام ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار السلع الأساسية، ما خلق ضغوطًا معيشية حادة على الموظفين وأصحاب الدخل المحدود. أسعار الخضروات والفواكه قفزت إلى مستويات غير مسبوقة؛ إذ بلغ سعر كيلو الطماطم 6 دنانير، والبطاطا 5 دنانير، بينما لامس سعر فاكهة “الدلاع” 3.3 دنانير للكيلو. يربط تجّار وباعة تجزئة هذا الغلاء بتقلبات سعر الصرف وتزايد تكاليف الاستيراد، فيما يؤكد جهاز الحرس البلدي محدودية صلاحياته في ضبط الأسعار.
أحمد جمعة، معلّم في القطاع العام يتقاضى مرتبًا شهريًا قدره 1,200 دينار، يقول إن إنفاق أسرته على الطعام بات يستهلك أكثر من 60 % من دخله بينما تشتكي أم عبد السلام، ربة منزل من غياب إجراءات رقابية فاعلة
في سوق الكيش للخضار، يبرر محمد أبوعجيلة، أحد البائعين، الأسعار المرتفعة بتكاليف الجملة:
«صندوق الطماطم يصلنا بـ120 دينارًا، وإيجار المحل ارتفع، إضافة لانقطاع الكهرباء الذي يفسِد بعض البضائع».
تجار تجزئة آخرون أشاروا إلى أن رسوم الجمارك وارتفاع تكاليف النقل البري من موانئ طرابلس ومصراتة إلى بنغازي ترفع السعر النهائي بنحو 15 – 20 %.
خبراء الاقتصاد: سعر الصرف هو العامل الحاسم
يقول الخبير المالي فتحي الدرسي إن تعدد أسعار الصرف الرسمية والموازية يخلق مساحة واسعة للمضاربة:
«عندما يشتري التاجر الدولار بسعر مرتفع لفتح اعتماد أو يستورد نقدًا، لا يمكنه البيع بالسعر الإداري. الحل يبدأ باستقرار سعر الصرف وتسهيل الاعتمادات».
ويرى الدرسي أن «تحرير الاستيراد بلا رقابة» بعد قانون تنظيم الأنشطة التجارية رقم 30 «ترك السوق لآليات العرض والطلب من دون حماية للمستهلك».
مبادرات محدودة ومطالبات متجددة
على هامش الجدل الدائر، ظهرت مبادرات شعبية لفتح أسواق خيرية أسبوعية تبيع المنتجات بسعر التكلفة، لكنها تظل «حلولًا محدودة»، بحسب رأي جمعية حماية المستهلك. في المقابل، يطالب مواطنون ونشطاء اقتصاديون بتفعيل صندوق موازنة أسعار السلع الأساسية وربط الدينار بسلة عملات لاستقرار القوّة الشرائية.
بينما تستمرّ الأسر في تقليص إنفاقها على الغذاء والملابس والتعليم، يظلّ ضبط الأسعار رهن قرارات حكومية تنسق بين وزارتي الاقتصاد والمالية ومصرف ليبيا المركزي. وحتى صدور تلك الإجراءات، تبقى جيوب المواطنين تحت وطأة تضخمٍ لا يلوّح له تراجع قريب