تحذيرات من تداعيات غير مباشرة لرسوم واشنطن على بيئة الاستثمار الليبية
تأثيرات محتملة على بيئة الاستثمار وثقة الأسواق
ليبيا 24:
في خطوة مفاجئة ذات أبعاد سياسية واقتصادية، أعلنت الولايات المتحدة فرض حزمة من الرسوم الجمركية الجديدة تطال صادرات سبع دول من بينها ليبيا، بنسب تصل إلى 30%.
ورغم أن التبادل التجاري بين البلدين لا يتجاوز 1.5 مليار دولار سنويًا، إلا أن القرار أثار تساؤلات حول انعكاساته غير المباشرة على الاقتصاد الليبي.
وتعتمد الصادرات الليبية إلى الولايات المتحدة بنسبة تفوق 99% على النفط الخام، الذي لا تشمل الرسوم الجديدة فرض قيود عليه حتى الآن، بحسب مصادر رسمية مطلعة.
ويرى عدد من الخبراء أن الإجراء الأمريكي يحمل رسائل سياسية في المقام الأول، في ظل محدودية التبادل التجاري المباشر، غير أنهم حذروا من تأثيرات محتملة على بيئة الاستثمار وثقة الأسواق، خصوصًا في ظل هشاشة البنية الاقتصادية نتيجة الانقسام السياسي والتحديات الأمنية.
وأكد الخبير الاقتصادي محمد الشيباني أن القرار الأمريكي يمثل إشارة سلبية للعلاقات التجارية، موضحًا أن ليبيا تُعد من بين أكثر الدول هشاشة اقتصاديًا، وأن “أي اضطراب، ولو رمزيًا، يمكن أن يؤثر على مناخ الاستثمار أو علاقات التفاوض مع الشركاء الدوليين”.
من جهته، أشار أستاذ الاقتصاد عادل المقرحي إلى أن الرسوم الجديدة لا تمس النفط حاليًا، لكنها تفتح المجال لاحتمالات استخدام هذا الملف كورقة ضغط في المستقبل.
وأوضح أن ليبيا تفتقر إلى بدائل تصديرية للأسواق الأميركية، وتحتاج إلى بناء بنية اقتصادية مرنة تعزز التنويع وتقلل الاعتماد على مورد واحد.
وشدد المقرحي على ضرورة دعم المؤسسة الوطنية للنفط وضمان استقرار علاقتها بالشركات العالمية العاملة في ليبيا، محذرًا من أي تصعيد اقتصادي قد يؤثر على التوازن في السوق المحلية وسعر صرف الدينار الليبي.
في السياق ذاته، أشار المحلل المالي صبري ضوء إلى أن ليبيا قد لا تخسر عملة صعبة بشكل مباشر، لكنها قد تواجه تداعيات تمس ثقة المستثمرين، مضيفًا: “أي تصنيف سلبي أو تعامل مع ليبيا كدولة تخضع لعقوبات جمركية يؤثر على موقف المؤسسات الدولية منها، خاصة إذا توسّع نطاق الإجراءات لاحقًا”.
أما في القطاع الصحي، فأكد رجال أعمال أن كثيرًا من المعدات الطبية والتقنيات المستخدمة في المستشفيات والمؤسسات التعليمية مصدرها الولايات المتحدة.
وقال عبد الرحمن عريبي، صاحب شركة لتوريد الأجهزة الطبية، إن أي ارتفاع في تكلفة هذه الأجهزة أو صيانتها سيؤثر على جودة الخدمات، وقد يحمّل المواطن أعباءً إضافية.
كما أشار المحلل الاقتصادي طارق الصرماني إلى أن التأثير لا يقتصر على السلع الاستهلاكية، بل يمتد إلى بنية الاقتصاد، بما في ذلك قطع الغيار ومستلزمات الطاقة والنظم الإلكترونية، لافتًا إلى أن العديد من شركات الاتصالات والمؤسسات المالية تعتمد على أنظمة أميركية في الأمن السيبراني والتشغيل، ما قد يجعلها عرضة للتعطل أو الهجمات الإلكترونية في حال تعثرت عملية الاستيراد.
وأكد الصرماني أن قطاع الطاقة قد يتأثر أيضًا، مشيرًا إلى أن كثيرًا من خدمات الدعم الفني والمعدات النفطية إما أميركية الصنع أو تحتوي على مكونات خاضعة للرقابة الأميركية، ما يتطلب حذرًا في التعامل مع هذه المتغيرات، ووضع خطة وقائية من خلال تنويع الشراكات الصناعية والتكنولوجية.



