
ليبيا 24
في خطوة غير مسبوقة، اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسمياً بـ”العنف القمعي” الذي مارسته بلاده خلال حرب الكاميرون من أجل الاستقلال. وجاء الاعتراف في رسالة موجهة إلى الرئيس الكاميروني بول بيا، نُشرت يوم الثلاثاء، كاشفاً النقاب عن فصل دموي طالما ظل مُغيّباً عن السردية التاريخية الفرنسية.
تقرير يكشف جرائم الاستعمار
الرسالة تأتي بعد أشهر من نشر تقرير صادر عن لجنة فرنسية-كاميرونية مشتركة من المؤرخين، كشف تفاصيل مروّعة عن الفظائع التي ارتُكبت بين عامي 1945 و1971. وأبرز التقرير عمليات النزوح القسري، وإنشاء معسكرات اعتقال جماعية، فضلاً عن دعم فرنسا لميليشيات محلية لقمع الحركات المطالبة بالاستقلال.
حرب استمرت حتى بعد الاستقلال
على الرغم من حصول الكاميرون على استقلالها عام 1960، أكد ماكرون أن فرنسا ظلت متورطة في أعمال قمعية بالتعاون مع السلطات الكاميرونية الجديدة. وكتب في رسالته: “أبرز المؤرخون حرباً دارت في الكاميرون، شهدت عنفاً منظّماً من الجيش والسلطات الاستعمارية، واستمرت بعد الاستقلال”.
إعدام قادة الاستقلال: جرح لم يندمل
كما اعترف الرئيس الفرنسي بدور بلاده في اغتيال عدد من زعماء حركة التحرر الكاميرونية، منهم روبن أم نايوبي وبول مومو، الذين قُتلوا بين 1958 و1960 في عمليات عسكرية فرنسية. ويُعد هذا أول اعتراف رسمي بمسؤولية باريس عن هذه الجرائم، بعد عقود من الإنكار.
خطوة نحو المصالحة؟
يأتي هذا الاعتراف في إطار سياسة ماكرون لـ”مواجهة الماضي الاستعماري”، بعد زيارته إلى ياوندي عام 2022، حيث وعد بإعادة تقييم العلاقات بين البلدين. إلا أن الناشطين الكاميرونيين يطالبون بـ”اعتذار رسمي” وتعويضات، معتبرين أن الاعتراف مجرد بداية لمحاسبة تاريخية.
ردود أفعال متباينة
في حين رحّبت حكومة الكاميرون بالخطوة، وصفها مؤرخون بأنها “متأخرة جداً”، فيما لا تزال عائلات الضحايا تنتظر خطوات ملموسة لإنصافهم. وتواجه فرنسا ضغوطاً متزايدة لمواجهة إرثها الاستعماري، خاصة في أفريقيا، حيث لا تزال تداعيات تلك الحقبة تلقي بظلالها حتى اليوم.