دولىعربى

الجزائر تستدعي القائم بالأعمال الفرنسي

فقرة جديدة في مسلسل التوتر

في خطوة تعكس حساسية المرحلة التي تمر بها العلاقات الجزائرية الفرنسية، استدعت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية القائم بأعمال السفارة الفرنسية في الجزائر، وذلك على خلفية البيان الذي أصدرته البعثة الدبلوماسية الفرنسية بخصوص اعتماد الأعوان الدبلوماسيين والقنصليين العاملين على أراضيها.

وقالت الخارجية الجزائرية، في بيان رسمي، إن التصريح الفرنسي “غير مقبول شكلاً ومضموناً”، مشيرة إلى أنه تضمّن عرضاً “مغالطاً ومنحازاً للوقائع”، فضلاً عن كونه محاولة للتوجه مباشرة إلى الرأي العام الجزائري، متجاوزاً القنوات الرسمية المعتمدة بين الحكومتين.

وأضاف البيان أن هذا التصرف يشكل “انتهاكاً واضحاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961″، التي تحدد بوضوح الإطار القانوني للعلاقات بين الدول، والالتزام باحترام سيادة الدول المستضيفة في كل ما يتعلق بالتواصل مع الرأي العام أو الإجراءات القنصلية.

خلفية التوترات الجزائرية – الفرنسية

شهدت العلاقات بين الجزائر وفرنسا خلال السنوات الأخيرة حالة من المد والجزر، حيث تعاقبت مراحل التعاون الحذر مع فترات من التوتر الحاد، وذلك بفعل ملفات تاريخية وسياسية وقنصلية حساسة:

ملف الذاكرة الاستعمارية:

لا يزال إرث الاستعمار الفرنسي (1830 – 1962) يمثل محوراً أساسياً للتوتر، حيث تطالب الجزائر باريس باعتراف كامل بجرائم الاستعمار وتقديم اعتذار رسمي، في حين تتبنى فرنسا مقاربة انتقائية في معالجة الملف.

الأزمة القنصلية والتأشيرات:

شهدت العلاقات تعقيدات كبيرة بعد قرار باريس سنة 2021 تقليص منح التأشيرات للجزائريين بشكل كبير، وهو ما اعتبرته الجزائر إجراءً غير ودي ، ورغم محاولات التهدئة في 2023 و2024، بقيت ملفات الهجرة غير النظامية والتعاون الأمني من أبرز نقاط الخلاف.

الأبعاد السياسية والإقليمية

اختلفت مواقف البلدين بشأن عدد من الملفات الإقليمية، خصوصاً الأزمة الليبية ومنطقة الساحل الإفريقي، حيث تعتبر الجزائر أن بعض السياسات الفرنسية تتجاهل دورها المحوري في استقرار المنطقة.

الأزمة الدبلوماسية المتكررة

سبق للجزائر أن استدعت سفراء فرنسيين في أكثر من مناسبة، خصوصاً بعد تصريحات مسؤولين فرنسيين وصفت بأنها “مهينة” أو “تتدخل في الشؤون الداخلية”.

قراءة في الخطوة الأخيرة

يرى مراقبون أن استدعاء القائم بالأعمال الفرنسي يمثل رسالة واضحة من الجزائر برفض أي تجاوز دبلوماسي أو محاولة لفرض خطاب موازٍ للرأي العام الداخلي.. كما يعكس إصرار الدبلوماسية الجزائرية على ترسيم حدود التعامل مع باريس وفقاً للقانون الدولي، بعيداً عن محاولات الالتفاف أو الضغط عبر القنوات الإعلامية والدبلوماسية غير التقليدية.

وبالنظر إلى تراكم الخلافات، يُتوقع أن تشهد العلاقات الثنائية فترة جديدة من البرود السياسي، ما لم تبادر باريس إلى تصحيح خطواتها والعودة إلى إطار التعامل الرسمي المباشر الذي تفرضه الأعراف الدبلوماسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى