
انقسم وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، بشكل لافت حول كيفية التعامل مع الحرب الدائرة في قطاع غزة، حيث طالبت بعض الدول بفرض ضغوط اقتصادية قوية على إسرائيل، فيما رفضت أخرى المضي في هذا الاتجاه.
وقالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، “إننا منقسمون حول هذه القضية… وإذا لم يكن لدينا صوت موحد فلن يكون لنا تأثير على الساحة العالمية، وهذه معضلة كبيرة”. وأشارت إلى أنها ليست متفائلة بالتوصل حتى إلى اتفاق على مقترح محدود يقضي بالحد من وصول إسرائيل إلى برنامج تمويل أوروبي للأبحاث.
انقسام العميق داخل التكتل المؤلف من 27 دولة
الخلافات تعكس الانقسام العميق داخل التكتل المؤلف من 27 دولة. ففي حين تطالب دول مثل إيرلندا وإسبانيا والسويد وهولندا بتعليق اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل، تتمسك دول أخرى كألمانيا والمجر وجمهورية التشيك برفض اتخاذ خطوات اقتصادية عقابية ضد تل أبيب.
وقال وزير الخارجية الأيرلندي سايمون هاريس: “إذا لم يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على إسرائيل الآن، فمتى سيفعل؟ الأطفال يتضورون جوعاً”، في إشارة إلى تقارير أممية أكدت وجود مجاعة فعلية في غزة.
ويعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل، حيث بلغ حجم التبادل بين الطرفين 42.6 مليار يورو العام الماضي. وبرغم ذلك، أكد وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن برلين علّقت تسليم بعض الأسلحة لإسرائيل لكنها غير مقتنعة بجدوى فرض قيود على التعاون المدني في مجال الأبحاث.
ويقترح مسؤولو المفوضية الأوروبية اتخاذ هذا الإجراء كخطوة أولية لا تتطلب إجماعاً كاملاً، بل دعم 15 دولة تمثل 65% من سكان الاتحاد.
مجاعة فعلية في غزة
انقسام وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي حول الحرب في غزة لا يمكن فصله عن المشهد الإنساني المأساوي في القطاع. فمنذ اندلاع الحرب المستمرة منذ أشهر، يعيش أكثر من 2.3 مليون فلسطيني أوضاعاً كارثية، حيث أكدت تقارير الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي أن غزة تشهد مجاعة فعلية، مع تحذيرات من أن مئات الآلاف من الأطفال يعانون سوء تغذية حاد، فيما يواجه السكان نقصاً خانقاً في الغذاء والماء والدواء.
بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA)، تجاوز عدد الضحايا المدنيين 40 ألف قتيل وجريح منذ بدء الحرب، أغلبهم من النساء والأطفال، بينما دمّرت العمليات العسكرية أكثر من نصف البنية التحتية السكنية، ما أدى إلى نزوح داخلي واسع النطاق. وقد وصفت منظمة الصحة العالمية الوضع الصحي بأنه “كارثة مطلقة”، مع خروج معظم المستشفيات عن الخدمة نتيجة القصف ونقص الوقود والأدوية.
هذا الواقع يضع الاتحاد الأوروبي أمام اختبار سياسي وأخلاقي صعب: فبينما ترى بعض العواصم الأوروبية أن فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل ضرورة أخلاقية للضغط من أجل وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، تتمسك دول أخرى بعلاقاتها الاستراتيجية والأمنية مع تل أبيب وتعتبر العقوبات أداة غير فعالة، وهو ما يعمّق الانقسام داخل التكتل ويضعف تأثيره على مجريات الأزمة.



