صيف 2024 .. مؤشرات خطيرة على تسارع التغير المناخي
صيف 2025 الأكثر حرارة في بريطانيا منذ بدء التسجيلات

شهد العالم خلال صيف عام 2024 مستويات حرارة غير مسبوقة، لتتحول هذه الفترة إلى الأكثر حرارة على الإطلاق عالميًا، في حين سجلت بريطانيا بدورها أعلى متوسط لدرجات الحرارة منذ بدء تسجيل البيانات عام 1884، بحسب ما أعلنته هيئة الأرصاد الجوية البريطانية يوم الاثنين.
صيف بريطانيا: رقم قياسي جديد
أوضحت بيانات الهيئة أن متوسط درجات الحرارة خلال أشهر الصيف الثلاثة – يونيو ويوليو وأغسطس – بلغ 16.10 درجة مئوية، متجاوزًا الرقم القياسي السابق المسجل في صيف 2018 والذي بلغ 15.76 درجة مئوية. هذا الارتفاع، وإن بدا طفيفًا من الناحية الرقمية، إلا أنه يعكس اتجاهًا مناخيًا متصاعدًا يعزز القلق بشأن مستقبل الطقس في بريطانيا.
السياق العالمي: حرارة غير مسبوقة
لا يقتصر المشهد على بريطانيا وحدها، إذ أظهر رصد عالمي أن صيف 2024 كان الأكثر حرارة في تاريخ كوكب الأرض. فقد اجتاحت موجات حر شديدة العديد من مناطق أوروبا والعالم، أسفرت عن حرائق غابات مدمرة في دول مثل إسبانيا والبرتغال، خلفت قتلى وخسائر بيئية جسيمة وتضرر الأنظمة الزراعية نتيجة الجفاف، ما يهدد الأمن الغذائي.
التغير المناخي: العامل الحاسم
تؤكد هيئة الأرصاد البريطانية أن هذه الظواهر لم تعد أحداثًا عابرة، بل هي جزء من نمط مناخي جديد ناتج عن التغير المناخي المتسارع. فالنشاط البشري، وخاصة حرق الوقود الأحفوري، أدى إلى ارتفاع انبعاثات غازات الدفيئة التي تحبس الحرارة في الغلاف الجوي. النتيجة المباشرة لذلك هي زيادة متوسط درجات الحرارة العالمية عامًا بعد عام وتكرار موجات الحر بوتيرة أعلى وشدة أكبر.
يتوقع الخبراء أن يشهد العالم، بما في ذلك بريطانيا، تكرارًا متزايدًا لصيف مماثل لصيف 2024 في العقود القادمة، ما يفرض تحديات كبيرة على الحكومات والمجتمعات. ومن أبرز التداعيات المحتملة ارتفاع معدلات الوفيات المرتبطة بالحرارة، خاصة بين الفئات الضعيفة كالمرضى وكبار السن و تهديد البنية التحتية بسبب الضغط المتزايد على أنظمة الطاقة والمياه مع خسائر اقتصادية نتيجة تضرر الزراعة والسياحة والقطاعات الحيوية الأخرى.
صيف 2024 يمثل جرس إنذار عالميًا جديدًا يؤكد أن التغير المناخي لم يعد تهديدًا مستقبليًا بل واقعًا حاضرًا. فالأرقام القياسية في درجات الحرارة، والحرائق المدمرة، والتأثيرات الاقتصادية والإنسانية ليست إلا بداية لمرحلة مناخية أكثر صعوبة ما لم تتخذ خطوات حاسمة وجماعية للحد من أسباب الأزمة وبناء قدرة المجتمعات على التكيف مع تداعياتها.



