بنغازي تشهد دبلوماسية نشطة تعزز مكانة ليبيا وتدعم استقرارها
دبلوماسية ليبية نشطة: اقتصاد وتمكين ومؤتمرات على أجندة بنغازي.ط

بنغازي – ليبيا 24
تشهد مدينة بنغازي، كمقر لوزارة الخارجية والتعاون الدولي، حراكاً دبلوماسياً ومؤسسياً لافتاً يعكس نهجاً جديداً يرتكز على حماية السيادة الوطنية وتعزيز التعاون الدولي المنظم، ويدفع بالدبلوماسية الاقتصادية والثقافية إلى الواجهة خدمةً لمسار التنمية واستقرار ليبيا.
حوار مع الأمم المتحدة: التعاون بضوابط السيادة
في إطار متابعة العلاقة مع المنظمات الدولية، استقبل وزير الخارجية والتعاون الدولي عبدالهادي الحويج، بمقر الوزارة في بنغازي، مدير مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في المدينة، السيد عماد عبد الرحمن.
وشدد الوزير خلال اللقاء، الذي حضره عدد من مدراء الإدارات المعنية، على الثوابت الراسخة للحكومة الليبية في التعامل مع المنظمات الدولية، والتي تأتي في مقدمتها الالتزام الكامل بالتشريعات والقوانين الوطنية التي تنظم عمل هذه المنظمات، وضرورة احترامها. كما أكد على أهمية التقيّد بتعليمات وتعميمات رئيس الوزراء الدكتور أسامة حماد الخاصة بتنظيم دخول وتجوال أعضاء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، والتي تُعد إطاراً عمل واضحاً يهدف إلى تحقيق التناغم بين عمل هذه المنظمات والأمن الوطني الليبي.
وناقش الجانبان طبيعة عمل المفوضية وآليات متابعتها لبرامجها، مع التركيز على برنامج العودة الطوعية للاجئين وكيفية إسهام المفوضية في دعم خطط الوزارة في هذا المجال، بالإضافة إلى مناقشة أوجه التعاون القائمة مع القنصلية السودانية. كما تطرق اللقاء إلى الآليات التي تعمل بها المنظمات الدولية والمعايير التي تعتمد عليها في إعداد تقاريرها، في إطار حرص الوزارة على شفافية العمل ووضوحه.
تمكين المجتمع المدني: تشريعات جديدة لدعم مستدام
انطلاقاً من إيمان الوزارة الراسخ بدور منظمات المجتمع المدني كشريك أساسي في عملية البناء والتنمية، وتنفيذاً لتوجيهات معالي الوزير الدكتور الحويج، شاركت إدارة منظمات المجتمع المدني بالوزارة في جلسة حوارية رفيعة المستوى بعنوان “المسؤولية المجتمعية ودورها في دعم مؤسسات المجتمع المدني”، عُقدت بقاعة اجتماعات مجلس النواب.
وحضر الجلسة، التي مثلت نموذجاً للتعاون البنّاء بين السلطتين التنفيذية والتشريعية والمؤسسات الأهلية، النائب جلال الشويهدي رئيس لجنة الإعلام والثقافة والمجتمع المدني، ومعالي وزيرة الدولة لشؤون المرأة، ورئيس مجلس إدارة مفوضية منظمات المجتمع المدني، إلى جانب عدد من الأكاديميين وممثلي المؤسسات المدنية.
وتعمقت النقاشات في محورين أساسيين: الأول ناقش واقع وآفاق تمويل منظمات المجتمع المدني والتحديات التي تواجهها، فيما تناول المحور الثاني الإطار التشريعي المنظم للتمويل وانعكاساته على أداء هذه المنظمات وكفاءتها. وقد خلصت الجلسة، التي تميزت بحوار مفتوح وغني، إلى توافق جميع الأطراف على ضرورة إعداد مشروع قانون خاص بالمسؤولية المجتمعية، يضع ضوابط وإجراءات واضحة تضمن توفير دعم مستدام وفعّال لمنظمات المجتمع المدني، مما يعزز دورها الحيوي في خدمة المجتمع وتمكينها من أداء رسالتها على أكمل وجه.
الدبلوماسية الاقتصادية: بوابة لتعزيز التعاون الإقليمي
في سياق متصل، تستثمر وزارة الخارجية والتعاون الدولي في تعزيز دور الدبلوماسية الاقتصادية كأداة فاعلة لخدمة المصالح الوطنية. وفي هذا الإطار، استقبل الحويج رئيس غرفة الصناعة والتجارة والزراعة لمدينة طبرق، نصر إدريس نصر.
وركز اللقاء على بحث سبل تعزيز أوجه التعاون المشترك بين الوزارة وغرف التجارة والصناعة، مع التأكيد على المحور الاستراتيجي للدبلوماسية الاقتصادية في دفع عجلة التنمية وبناء جسور التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة. كما سلط اللقاء الضوء على الأهمية الاستراتيجية لمدينة طبرق كمنطقة حدودية حيوية يمكن أن تكون منصة مثالية لتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي، خاصة مع جمهورية مصر العربية، حيث أكد الجانبان أن تنشيط العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين من شأنه أن يعمق أواصر الأخوة ويفتح آفاقاً جديدة للشراكة والتكامل الاقتصادي يُعزز ازدهار البلدين.
استضافة المؤتمرات الدولية: بنغازي تعود إلى الواجهة
تعمل الوزارة بجد لتعزيز مكانة ليبيا على الخارطة الدولية من خلال استضافة الفعاليات والمؤتمرات الإقليمية والدولية. وفي دلالة واضحة على عودة الاستقرار والأمان إلى مدينة بنغازي، استقبل الوزير الأمين العام لاتحاد الصيادلة العرب، علي إبراهيم، الذي يتخذ من القاهرة مقراً له.
وجاء هذا اللقاء في ختام أعمال اجتماع المكتب التنفيذي للاتحاد والمجلس العلمي العام للبورد الصيدلي العربي، الذي انعقد في بنغازي خلال الفترة من 13 إلى 16 سبتمبر 2025، برعاية كريمة من رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الخارجية والتعاون الدولي.
وأعرب الأمين العام عن إعجابه الكبير بمستوى الأمن والاستقرار والنهضة التنموية التي تشهدها مدينة بنغازي، معبراً عن امتنانه لحسن الضيافة والاستقبال خلال فترة انعقاد المؤتمر. كما أشاد بالدور الداعم والمحوري الذي قامت به وزارة الخارجية والتعاون الدولي لضمان نجاح فعاليات الاتحاد وتحقيق أهدافه السامية الرامية إلى ضمان مستقبل صحي ورعاية دوائية آمنة لمواطني جميع الدول العربية.
بناء القدرات الدبلوماسية: استشراف المستقبل
إدراكاً من الوزارة لأهمية بناء جيل جديد من الدبلوماسيين القادرين على التعامل مع تعقيدات العلاقات الدولية والاقتصادية، نظم المعهد الدبلوماسي ندوة حوارية لطلبته استضافت الدكتور الكيلاني عبد الكريم، وزير المالية الأسبق، كمحاضر رئيسي.
وناقشت الندوة، التي حملت عنوان “السياسات الاقتصادية وأثرها على الاستقرار الداخلي والسياسة الخارجية للدولة”، محاور بالغة الأهمية تربط بين الاقتصاد والدبلوماسية. وتعمق المحاضر في شرح انعكاسات السياسات العامة والنقدية على الشأنين الداخلي والخارجي للدولة، وكيف تؤثر القرارات الاقتصادية مباشرة على حياة المواطن ومكانة الدولة الدولية. كما تطرق إلى قضايا ملحة مثل البطالة وسبل معالجتها من خلال دراسة متطلبات السوق المحلي والأسواق العالمية، بالإضافة إلى مناقشة التحديات والفرص المتعلقة بالاستثمار الأجنبي المباشر وآليات جذبه وتطويره لخدمة الاقتصاد الوطني.
تعزيز التنسيق بين السلطتين: البرلمان والدبلوماسية
لتأكيد نهج التكامل بين السلطات في الدولة، استقبل الوزير الدكتور الحويج عضو مجلس النواب، السيدة انتصار شنيب.
وتناول اللقاء عدداً من الملفات السياسية والبرلمانية ذات الاهتمام المشترك، وتم بحث سبل تعزيز آليات التنسيق والتعاون بين السلطة التشريعية ووزارة الخارجية بما يخدم المصلحة الوطنية العليا لليبيا ويدعم مسار عملها الدبلوماسي على الساحتين الإقليمية والدوية.
وناقش الجانبان، نظراً لكون شنيب رئيسة لجنة شؤون المرأة والطفل بمجلس النواب، أهمية تمكين المرأة الليبية ومنحها دوراً أكبر في مواقع صنع القرار، بما في ذلك داخل وزارة الخارجية والتعاون الدولي ومؤسسات الدولة الأخرى. كما تطرق اللقاء إلى اقتراح استراتيجي بافتتاح مكتب للشؤون القنصلية التابع للوزارة في مدينة درنة، انطلاقاً من الأهمية الاستراتيجية للمدينة ووجود عدد كبير من المنظمات الدولية العاملة فيها، مما يستدعي تواجداً قنصلياً لخدمة المواطنين وتيسير أعمال هذه المنظمات ضمن الأطر القانونية المنظمة.
تقييم الفعاليات الوطنية: الدبلوماسية الليبية تحتفي بتاريخها
في إطار متابعة وتقييم الأداء، ترأس الوزير الدكتور الحويج الاجتماع الثالث والعشرين الموسع بمقر الوزارة في بنغازي، بمشاركة مدراء الإدارات السياسية والفنية ومديري المكاتب.
وخُصص الاجتماع لتقديم تقييم شامل لفعاليات “اليوم الوطني للدبلوماسية الليبية” الذي احتفلت به الوزارة في الخامس عشر من سبتمبر، والذي شهد هذا العام حدثاً تاريخياً تمثل في تكريم وزراء الخارجية في ليبيا منذ استقلال البلاد عام 1951، تقديراً لجهودهم في خدمة الدبلوماسية الليبية.
واستعرض الاجتماع أيضاً نتائج الجلسات الحوارية المصاحبة التي ناقشت قضايا السياسة الخارجية والتحديات والفرص التي تواجهها، بالإضافة إلى محوري الدبلوماسية الثقافية والدبلوماسية الرقمية كأدوات للقوة الناعمة. وأكد المشاركون على الأهمية البالغة لهذا الحدث الوطني الفريد، باعتباره الأول من نوعه في تاريخ الخارجية الليبية على مدى أكثر من سبعة عقود، مشيرين إلى دوره المحوري في ترسيخ تقاليد العمل الدبلوماسي المهني وإبراز مكانته الوطنية وإحياء الذاكرة الدبلوماسية للدولة.
تعزيز العلاقات الثنائية: ليبيا واليونان صفحة جديدة من التعاون
ضمن جهود تطوير العلاقات الثنائية مع الدول الصديقة، استقبل الوزير القنصل العام الجديد لجمهورية اليونان في ليبيا، أثاناسيوس أناستوبولوس.
ورحب الوزير بـ القنصل العام، متمنياً له التوفيق في مهمته الجديدة ومؤكداً استعداد الوزارة الكامل لتقديم كافة التسهيلات اللازمة لعمل القنصلية اليونانية، لتكون جسراً للتواصل والتعاون بين البلدين. وتم خلال اللقاء استعراض العلاقات التاريخية التي تربط ليبيا واليونان ومناقشة سبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات لتحقيق المصالح المشتركة للشعبين الصديقين.
من جانبه، أعرب القنصل العام عن شكره لمعالي الوزير على حفاوة الاستقبال، مؤكداً أن تركيز مهمته سينصب على دفع عجلة العلاقات الثنائية بين البلدين نحو آفاق أوسع من التعاون والازدهار في جميع المجالات.
ختاماً، تؤكد هذه النشاطات المتعددة والمكثفة لوزارة الخارجية والتعاون الدولي في بنغازي على نهج متوازن وطموح، يجمع بين حماية السيادة والالتزام بالشرعية من جهة، وانتهاج دبلوماسية اقتصادية وثقافية نشطة تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الدولي وتدعم مسيرة التنمية والاستقرار في ليبيا من جهة أخرى.