ليبيا

بنك إيطالي يجمد أموال السفارة الليبية في روما بسبب ديون متراكمة

أزمة دبلوماسية: السفارة الليبية بروما تتوقف عن العمل عقب تجميد حساباتها المصرفية

ليبيا 24:

أزمة مالية تعطل عمل السفارة الليبية في إيطاليا.. وتُثير إشكاليات قانونية حول الحصانة الدبلوماسية

تشهد البعثة الدبلوماسية الليبية في العاصمة الإيطالية روما حالة من الشلل التام، بعد أن قام أحد البنوك الإيطالية الكبرى بتجميد جميع حساباتها المالية، في خطوة غير مسبوقة أثارت جدلاً قانونياً حول نطاق الحصانة المالية للدول.

تجميد مفاجئ وتبعات فورية

في خطاب إلكتروني مختصر تلقيته السفارة في الثامن عشر من سبتمبر الجاري، أبلغ بنك “يونيكريديت” الإيطالي، الشريك المصرفي التاريخي للسفارة، بقراره تجميد جميع الأصول والحسابات المرتبطة بالبعثة الدبلوماسية وقد تبين لاحقاً أن القرار قد دخل حيز التنفيذ فعلياً في الخامس عشر من الشهر نفسه.

وأدى هذا الإجراء المفاجئ إلى عواقب ملموسة وفورية، حيث أصبحت السفارة عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها المالية الأساسية.

 ومن أبرز هذه التبعات تعطل صرف رواتب الموظفين الدبلوماسيين المُوفدين من طرابلس، وكذلك أجور الموظفين المحليين الإيطاليين العاملين ضمن طاقم السفارة، مما هدد بوضعهم في ظروف مالية صعبة.

كما امتد الشلل ليشمل تغطية النفقات التشغيلية اليومية للمقر الدبلوماسي الكائن في شارع نومينتانا، ما يعيق قدرته على أداء مهامه الاعتيادية.

خلفية قانونية: حكم تاريخي يقلص مفهوم “الحصانة”

تشير المعلومات إلى أن قرار التجميد يأتي في إطار تنفيذ حكم قضائي إيطالي سابق، وليس قراراً إدارياً منفرداً من البنك، فقد أرست محكمة النقض الإيطالية، في حكم تاريخي صدر في مايو 2025 تحت رقم 14253، سابقة قانونية مهمة قلصت من مفهوم الحصانة المالية للدول الأجنبية.

وبموجب هذا الحكم، لم يعد مجرد ادعاء أن الحسابات المصرفية تابعة لدولة أجنبية ويستخدم لأغراض مؤسسية كافياً لمنع الحجز أو التجميد.

واشترطت المحكمة تقديم إقرار موثق مسبقاً من الدولة المعنية يثبت أن الأموال في تلك الحسابات مخصصة حصراً لأداء “وظائف عامة سيادية”، مع ضرورة أن تتفق طبيعة المعاملات المصرفية المنفذة مع هذا الغرض المعلن، وهذا التفسير الضيق يضع عبئاً إثباتياً أكبر على البعثات الدبلوماسية ويوسع بشكل ملحوظ هامش حماية الدائنين.

اتهامات من الجانب الليبي ومساعٍ قانونية

من جهتها، وصفت مصادر في السفارة الليبية تصرف البنك بأنه “فردي”، معربة عن استيائها من عدم تقديم أي تفسيرات ملموسة أو وثائق رسمية تبرر هذا الإجراء الجذري.

وأكدت المصادر أن السفارة لم تتلق أي إشعار مسبق من الجهات الإيطالية الرسمية، لا سيما وزارة الخارجية، التي لا تزال التواصل معها حول الموضوع على مستوى المذكرات الشفهية في محاولة لفهم الموقف.

ولمواجهة هذا التطور، أفاد الممثل الدبلوماسي الليبي في روما بأن السفارة كلفت فريقاً من المحامين المتخصصين لبدء الإجراءات القانونية العاجلة للطعن في قرار التجميد.

وتهدف هذه الخطوة إلى فك الحصار المالي عن السفارة، إلى جانب السعي للحصول على جميع المعلومات والوثائق المتعلقة بالديون المزعومة والتي على أساسها صدر القرار القضائي.

تداعيات تتجاوز الجانب المالي

تتجاوز تداعيات هذه الأزمة الجانب المالي والإداري المباشر، لتمس طبيعة العلاقات الدبلوماسية بين الدول وحصانة ممثليها. فالحادثة تضع سابقة قد تشجع دائنين آخرين على اللجوء إلى القضاء لمطالبة دول أجنبية بديون مستحقة، مستندين إلى هذا التفسير الجديد للقانون.

كما تثير الأزمة تساؤلات حول آليات حل النزاعات المالية التي تخص البعثات الدبلوماسية، والتي من المفترض أن تحظى بحماية خاصة بموجب الاتفاقيات الدولية.

ويترقب المراقبون كيف ستعمل الدبلوماسية الإيطالية والليبية على احتواء هذا الملف الحساس، الذي يهدد بإعاقة عمل البعثة ويُلقي بظلاله على العلاقات الثنائية في وقت تحتاج فيه ليبيا إلى دعم المجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى