ليبيا

أزمة سيولة في ليبيا تكشف عمق الفساد وهشاشة الرقابة

مصير الأموال المطبوعة وجدوى الحلول في ظل الأزمات المالية والمعيشية

تتواصل أزمة السيولة المالية في ليبيا وسط حالة من الغضب الشعبي المتزايد، على الرغم من إعلان مصرف ليبيا المركزي عن التعاقد مع شركة بريطانية لطباعة نحو 30 مليار دينار ليبي. هذا الإعلان لم يُخفف من حالة الاحتقان، بل زاد من التساؤلات حول مصير الأموال المطبوعة، وجدوى الحلول المقدمة في ظل استمرار الأزمات المالية والمعيشية.

فساد مستشري وانقسام حكومي

يرى محللون أن هذه الأزمة تعكس حجم الفساد المتجذر في مؤسسات الدولة، وتُسلط الضوء على ضعف الإدارة المالية العامة، خاصة في ظل الانقسام السياسي الحاد بين الحكومتين المتنافستين في شرق وغرب البلاد.

وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي الليبي حسام الدين العبدلي في تصريحات صحفية لـ”ليبيا 24″ إن “الأزمة المالية التي تشهدها البلاد الآن هي نتيجة مباشرة للفساد الإداري والمالي الواضح للعيان”.

وأضاف العبدلي أن “الفساد مستشرٍ في المؤسسات الحكومية، وقد أدى إلى سرقات، وهدر للمال العام، وتضخم في الميزانيات دون تحقيق أي أثر إيجابي على الاقتصاد الوطني أو على حياة المواطنين”، مشيرًا إلى أن تداعيات ذلك طالت حتى استقرار العملة الصعبة.

أين الجهات الرقابية؟

العجز عن كبح الفساد دفع العبدلي إلى التساؤل: “أين الأجهزة الرقابية التي من المفترض أن تراقب أداء الحكومتين القائمتين؟ ولماذا لا يتم محاسبة المسؤولين؟”. وأكد أن غياب الدور الفعّال لكل من هيئة الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة ساهم في تعميق الأزمة، وترك المؤسسات الليبية عرضة للانهيار.

وشدد العبدلي على أن الجهات الرقابية لم تُظهر أي جهود ملموسة لمكافحة الفساد، مما ساهم في تآكل ثقة الشارع الليبي بها، مضيفًا: “الشعب الليبي اليوم لا يثق لا في الحكومتين، ولا في أجهزة الرقابة، وهو يعيش حالة من الظلم الاجتماعي والاقتصادي العميق”.

ملف المناصب السيادية.. مراوحة في المكان

ويأتي هذا كله في ظل تعثر ملف المناصب السيادية، الذي لا يزال يراوح مكانه وسط جدل سياسي واسع، الأمر الذي يعمق من هشاشة مؤسسات الدولة ويزيد من معاناة المواطنين.

أزمة السيولة في ليبيا لم تعد مجرد مشكلة تقنية أو اقتصادية، بل باتت مرآة واضحة لفشل منظومة الحوكمة، وتفكك مؤسسات الدولة، وانتشار الفساد على نطاق واسع. ويبدو أن حل الأزمة لن يكون ممكنًا ما لم تُتخذ إجراءات جادة لإعادة بناء مؤسسات الدولة، وتعزيز الشفافية، وتفعيل الرقابة، ومحاسبة المسؤولين عن الفساد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى