ليبيا

النحيب: اقتراح تجريم تخزين 100 ألف دينار يهدف لمعالجة أزمة السيولة وليس استهداف البسطاء.

طرحت تصريحات النائب بدر النحيب، عضو مجلس النواب، حول مقترح تجريم الاحتفاظ بمبالغ نقدية كبيرة في المنازل، تساؤلات عديدة حول جدوى هذا المقترح وأهدافه الحقيقية، في وقت تشهد فيه البلاد أزمة سيولة حادة.

تفسير المقترح وأهدافه

وفي محاولة لتوضيح الغموض الذي أحاط بالمقترح منذ إعلانه، أكد النحيب أن الهدف ليس تحميل المواطن العادي مسؤولية الأزمة، بل البحث عن حلول عملية للحد من تفاقمها. وأوضح أن التداول بالمبالغ الصغيرة لا يدخل ضمن نطاق التجريم، مشيراً إلى أن المقصود هو الممارسات التي يقوم بها بعض التجار أو الجهات التي تخزن أموالاً ضخمة بعيداً عن النظام المصرفي.

التركيز على الممارسات غير الرسمية

وبين النحيب أن هذه الممارسات تساهم بشكل مباشر في تفاقم أزمة السيولة، مؤكداً أن المقترح يهدف إلى الحد من ظاهرة اكتناز الأموال خارج القطاع المصرفي. وجاءت هذه التصريحات في محاولة لتهدئة الاحتقان الشعبي الذي صاحب الإعلان عن المقترح، وإيضاح أن المواطن البسيط ليس مستهدفاً بهذا الإجراء.

توزيع المسؤوليات بين المؤسسات

وفي جزء آخر من مداخلته، تناول النحيب مسألة توزيع الأدوار والمسؤوليات بين المؤسسات، مشيراً إلى أن مصرف ليبيا المركزي يتحمل جزءاً أساسياً من مسؤولية إدارة الأزمة. ولفت إلى أن البرلمان، بصفته جهة تشريعية، فإن مهامه تقتصر على سن القوانين ومراقبة الأداء ومساءلة الجهات المعنية، وليس التدخل المباشر في تنفيذ السياسات النقدية.

عواقع الرقابة البرلمانية

ورداً على تساؤلات حول ضعف الأداء الرقابي للبرلمان، أشار النحيب إلى وجود عوائق سياسية وانقسام مؤسسي يعطل في كثير من الأحيان استخدام الآليات الرقابية مثل الاستدعاء أو سحب الثقة أو تشكيل لجان التحقيق. ومع ذلك، أكد أن البرلمان لا يتنصل من مسؤولياته، وأنه يسعى ضمن صلاحياته إلى تصحيح المسار.

تعقيدات المشهد السياسي

وشدد النائب على ضرورة التفريق بين الأطروحات النظرية والواقع العملي، داعياً إلى توحيد الجهود بين السلطات التشريعية والتنفيذية والرقابية لمواجهة التحديات الاقتصادية. وأوضح أن أزمة السيولة تأتي في ظل تعقيدات الواقع السياسي والمؤسساتي القائم في البلاد، مما يجعل حلها بعيداً عن التكامل بين المؤسسات مهمة مستحيلة.

واقع النواب والمعاناة المشتركة

وفي رد على الانتقادات الموجهة للنواب، كشف النحيب عن أن أعضاء المجلس يواجهون واقعاً “أشد تعقيداً مما يتصور البعض”، مؤكداً أنهم يمارسون مهامهم في ظروف صعبة، دون امتيازات أو رواتب منتظمة، على عكس ما يُشاع. وأضاف: “نحن نعيش نفس معاناة الشعب، والعديد من النواب لم يتقاضوا رواتبهم منذ أشهر، وبعضنا يعيش على إمكانيات بسيطة جداً”.

حدود الصلاحيات البرلمانية

ورأى النحيب أن كثيراً من الانتقادات مبنية على تصورات خاطئة حول صلاحيات البرلمان، موضحاً أن المجلس يملك صلاحيات تشريعية ورقابية، لكنه لا يملك السلطة التنفيذية لتحريك الملفات أو فرض التغيير بالقوة. وقال: “نستطيع أن نسن القوانين، لكن تنفيذها يحتاج إرادة من الجهات التنفيذية، وهذه غير متوفرة في ظل الانقسام”.

عراقيل التغيير السياسي

وتطرق النحيب إلى الصعوبات التي تواجه آليات التغيير السياسي، مشيراً إلى أن مقترحات سحب الثقة أو تغيير الحكومة تواجه عراقيل due to الانقسام السياسي وغياب الجهات القادرة على تنفيذ القرار. وشدد على أن الاستقالة الرمزية لن تسهم في حل الأزمات المتراكمة، في إشارة إلى دعوات سابقة لاستقالة المجلس.

دعوة لقراءة الواقع بشكل موضوعي

وفي ختام حديثه، دعا النحيب إلى التوقف عن “توزيع الاتهامات جزافاً”، والاعتراف بأن الأزمة مركبة وتتجاوز قدرة أي طرف بمفرده على حلها. وأكد أن النواب لا يعيشون في رفاه، بل في محرقة سياسية واقتصادية مستمرة، في محاولة لتقريب الصورة عن التحديات الحقيقية التي تواجه العملية السياسية والاقتصادية في البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى