ليبيا

بيان حازم من الحكومة الليبية يواجه تجاوزات البعثة الأممية

حماد يؤكد سيادة القرار الليبي ورفض الإملاءات الخارجية

ليبيا 24:

الحكومة الليبية تضع الأمم المتحدة أمام اختبار احترام السيادة الوطنية

بيان رسمي ينتقد قفز البعثة على خارطة الطريق ويحذر من تجاوز الأطر الدبلوماسية

في لهجةٍ لم تخلُ من الحزم السياسي والدبلوماسي، أصدرت الحكومة الليبية برئاسة الدكتور أسامة حماد بيانها رقم (27) لسنة 2025، لتعلن فيه رفضها الصريح لما وصفته بـ”العبث الأحادي” من قبل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، محذّرة من استمرارها في تجاوز صلاحياتها القانونية، والتصرف خارج إطار ولايتها التي أقرها مجلس الأمن.

البيان الذي جاء في توقيتٍ دقيق من المشهد الليبي، يُعدّ من أكثر المواقف وضوحًا في تأكيد سيادة الدولة الليبية ورفض الوصاية الدولية، ويعكس اتجاه الحكومة نحو تثبيت مؤسساتها كمرجعية شرعية ووحيدة في إدارة الشأن الداخلي والخارجي.

خارطة طريق أممية مبتورة وتجاوز للمراحل الجوهرية

استعرضت الحكومة الليبية في بيانها تفاصيل خارطة الطريق التي قدمتها البعثة الأممية إلى مجلس الأمن خلال إحاطتها بتاريخ 21 أغسطس 2025، مشيرة إلى أنها تضمنت ثلاث مراحل مترابطة:

  • مرحلة أولى تهدف إلى وضع إطار انتخابي متكامل من الناحية الفنية والسياسية.
  • مرحلة ثانية تتعلق بـتوحيد المؤسسات وتشكيل حكومة موحدة.
  • ومرحلة ثالثة تشمل إطلاق حوار وطني مهيكل بمشاركة موسعة.

لكن البعثة – بحسب الحكومة – قفزت على المرحلتين الأولى والثانية وتجاهلت أساسيات العملية الانتقالية، مكتفية بالدعوة إلى “حوار مهيكل” دون تحديد آلياته أو ضماناته، وهو ما اعتبرته الحكومة انحرافًا ينسف مصداقية البعثة ويفقد خارطة الطريق توازنها السياسي.

انتهاك للأعراف الدبلوماسية وتعدٍّ على السيادة

البيان ذهب أبعد من النقد السياسي، ليدخل في الإطار القانوني والدبلوماسي، مؤكدًا أن قيام البعثة بتوجيه الدعوات إلى مؤسسات عامة، كالجامعات، لترشيح أسماء للمشاركة في الحوار، يمثل تجاوزًا صريحًا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، وللمادة (2/7) من ميثاق الأمم المتحدة التي تكرّس مبدأ احترام سيادة الدول.

كما شددت الحكومة على أن وزارة الخارجية والتعاون الدولي هي الجهة الوحيدة المخوّلة بإدارة الاتصالات والعلاقات مع المنظمات الدولية، داعية كافة المؤسسات الوطنية إلى الالتزام بالقنوات الرسمية وعدم التعامل المباشر مع أي جهة خارجية.

استقرار أمني وتنمية داخلية رغم الضغوط

البيان لم يقتصر على الرد السياسي، بل أشار إلى واقع ميداني يُظهر استقرارًا أمنيًا في المناطق الخاضعة للحكومة الليبية، مؤكدًا أن هذا الاستقرار مكّن المؤسسات من مواصلة مشاريع الإعمار والبناء والتنمية في المدن والبلديات.

ويُعدّ هذا البند رسالة غير مباشرة إلى المجتمع الدولي مفادها أن الحكومة تملك زمام السيطرة والإدارة، خلافًا للصورة التي تحاول بعض الأطراف الخارجية ترويجها.

المصالحة الوطنية: خط أحمر لا يخضع للتسييس

وأكدت الحكومة أن ملف المصالحة الوطنية ليس مجالًا للمساومات السياسية أو التدخلات الخارجية، بل هو شأن داخلي بامتياز يجب أن يُدار وفق مقاربة “ليبية–ليبية”، تعبّر عن الإرادة الوطنية، لا عن أجندات الخارج أو ضغوط الوسطاء الدوليين.

وفي هذا السياق، حمل البيان إشارة واضحة إلى أن الحكومة ترى في الدعوات الأممية للحوار بديلاً مشوّهًا عن مشروع المصالحة الحقيقية التي يجب أن تنطلق من الداخل لا من المكاتب الأممية.

رسالة تحذير متوازنة… وتأكيد على التعاون المشروط

وختمت الحكومة الليبية بيانها بتحذير مباشر لبعثة الأمم المتحدة من الاستمرار في نهجها الاستفزازي، معتبرة أن محاولاتها تجاوز مؤسسات الدولة الشرعية تمس جوهر السيادة الليبية، لكنها في الوقت ذاته أكدت تمسكها بمبدأ التعاون البنّاء مع المجتمع الدولي، طالما كان في إطار احترام القانون الدولي ومصالح الشعب الليبي.

الدكتور أسامة حماد، رئيس الحكومة الليبية، أكد في ختام البيان أن حكومته منفتحة على الحوار والتفاهم مع الأمم المتحدة، لكنها لن تسمح بتكرار أخطاء الماضي أو بإعادة إنتاج الوصاية تحت شعارات دعم السلام، مشددًا على أن القرار الليبي يجب أن يبقى ليبيًا، وأن السيادة الوطنية ليست محل تفاوض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى