خوري: الأمم المتحدة ستتحرك ببدائل إن فشل المسار الليبي
نائبة المبعوث الأممي: الحوار المهيكل ينطلق بمشاركة ليبية واسعة
ليبيا 24
الأمم المتحدة تمضي بخطة مزدوجة لإنهاء الجمود السياسي في ليبيا
خوري: الحوار المهيكل ركيزة لخارطة الطريق… والبعثة مستعدة للتحرك ببدائل حال تعثر المسار القائم
أكدت نائبة المبعوث الأممي للشؤون السياسية ستيفاني خوري، أن خارطة الطريق الأممية تسير في مسارين متوازيين، أحدهما سياسي مباشر مع مجلسي النواب والدولة، والآخر يركّز على الحوار المهيكل بمشاركة واسعة من الشخصيات الليبية، بهدف صياغة حلول توافقية تنهي الانقسام وتفتح الطريق أمام الاستقرار الدائم.
مساران متوازيان لتحقيق الغاية ذاتها
قالت خوري، في حديث تلفزيوني، إن خطة البعثة التي قُدمت إلى مجلس الأمن في أغسطس الماضي تمضي على مسارين واضحين.
الأول، يجري مع مجلسي النواب والدولة، ويُعنى باستكمال الترتيبات القانونية والمؤسسية للعملية الانتخابية، بما في ذلك تشكيل مجلس المفوضية العليا للانتخابات وتعديل التشريعات ذات الصلة، إضافة إلى دعم التوافق حول المناصب السيادية.
أما المسار الثاني، فهو الحوار المهيكل، الذي شرعت البعثة في استقبال الترشيحات الخاصة بالمشاركين فيه من المؤسسات الليبية، بوصفه خطوة عملية نحو تنفيذ الشق التشاركي من خارطة الطريق.
وشددت خوري على أن المسارين يكمل أحدهما الآخر، إذ تمثل الحوارات السياسية الجارية بين المجلسين المسار الرسمي للاتفاق القانوني، بينما يهدف الحوار المهيكل إلى توسيع قاعدة المشاركة واستيعاب أصوات الخبراء وممثلي المجتمع المدني لضمان شمول العملية السياسية.
معايير دقيقة ومراجعة أممية لضمان الشفافية
وأوضحت نائبة المبعوثة الأممية أن البعثة حرصت على استخلاص الدروس من تجارب الحوارات السابقة التي شابها الجدل حول معايير المشاركة.
وقالت إن المرة الحالية ستقوم على ترشيحات من المؤسسات الليبية نفسها، وفق معايير محددة تراعي الكفاءة والنزاهة والمصلحة الوطنية بعيدًا عن الاعتبارات الشخصية أو الحزبية.
وأضافت أن البعثة ستراجع القوائم المقترحة لضمان التوازن الجغرافي ومشاركة النساء وكافة المكونات الليبية، مؤكدة أنه في حال غياب هذا التوازن، ستقوم البعثة بإضافة أسماء مكملة لتحقيق الشمول المطلوب.
وذكرت خوري أن الهدف ليس إنتاج جسم سياسي جديد، بل خلق منصة حوار وطني فني ترفد العملية السياسية بتوصيات موضوعية تساعد في معالجة القضايا المعقدة التي تعيق الانتقال إلى مرحلة دائمة ومستقرة.
أربعة مسارات رئيسية ضمن الحوار المهيكل
كشفت خوري أن الحوار المهيكل سيجمع نحو 120 شخصية ليبية تمثل مختلف المناطق والمؤسسات، لمناقشة أربعة مسارات رئيسية هي:
1. الأمن والاستقرار الداخلي، بما في ذلك توحيد المؤسسات العسكرية وتثبيت وقف إطلاق النار.
2. المصالحة الوطنية وحقوق الإنسان، عبر آليات عدالة انتقالية ومبادرات مجتمعية فاعلة.
3. تعزيز الرقابة والمؤسسات السيادية لضمان إدارة شفافة للموارد العامة.
4. الإصلاح الاقتصادي وإعادة هيكلة القطاعات الحيوية بما يعزز التنمية المستدامة.
وأوضحت أن كل محور سيشهد نقاشات متخصصة بإشراف فني مباشر من البعثة، على أن تُرفع توصيات نهائية إلى المبعوثة الأممية الخاصة ستيفاني ويليامز وفريقها السياسي لاعتمادها ضمن التقارير الدورية المرفوعة إلى مجلس الأمن.
التحرك الدولي وتفويض مجلس الأمن
ولفتت خوري إلى أن مجلس الأمن منح البعثة تفويضًا واضحًا لمواجهة ما سمّته “الأطراف المعرقلة” لأي مسار يؤدي إلى الانتخابات، مؤكدة أن الأمم المتحدة “لن تتردد في اتخاذ خطوات بديلة” إذا فشلت الأطراف الليبية في التوصل إلى اتفاق نهائي.
وقالت: “إذا لم يتحقق النجاح في الحوار القائم بين المجلسين، سنبحث عن طريق آخر بالتشاور مع مجلس الأمن، لكننا لا نزال نمنح المسار الحالي فرصة حقيقية للنجاح”.
وأضافت أن الوقت المتاح محدود، وأن المجتمع الدولي يتطلع لرؤية تقدم ملموس قبل نهاية العام، مشيرة إلى أن استمرار الجمود السياسي يهدد بعودة الانقسام المؤسسي وتراجع فرص الاستقرار الأمني والاقتصادي.
تعاون متجدد مع ألمانيا ودعم دولي واسع
وكشفت خوري أن البعثة أعادت تفعيل التعاون مع ألمانيا في إطار دعم تنفيذ خارطة الطريق، مشيرة إلى أن برلين تلعب دورًا محوريًا في دعم المسار الأممي منذ مؤتمري برلين 1 و2.
وأوضحت أن جلسة الإحاطة الأخيرة في مجلس الأمن أظهرت إجماعًا دوليًا قويًا على ضرورة استمرار البعثة وتعزيز أدواتها التنفيذية، ما انعكس في قرار تمديد ولايتها لأكثر من عام.
وأضافت أن البعثة ستستخدم “كل الإمكانيات والمهارات” لضمان إنجاح الحوار المهيكل، معربة عن تقديرها للثقة التي أبدتها الدول الأعضاء في مجلس الأمن تجاه الجهود الأممية في ليبيا.
مشاركة شاملة وجلسات داخل ليبيا
وأشارت خوري إلى أن الحوار المهيكل سيُعقد داخل ليبيا قدر الإمكان، حفاظًا على السيادة الوطنية وتسهيل مشاركة أوسع من داخل البلاد.
وأوضحت أن الدعوات وعمليات الترشيح قاربت على الانتهاء، وأن أولى جلسات الحوار ستنطلق قبل نهاية الشهر الجاري.
وأكدت أن الحوار سيضم خبراء وفنيين من البلديات والجامعات والأحزاب والمجتمع المدني والأجهزة الأمنية، في محاولة لتوحيد الرؤى وتقديم توصيات واقعية قابلة للتطبيق.
وقالت: “نسعى لأن تكون هذه العملية ملكًا لليبيين أنفسهم، فهم من يقررون مستقبل بلادهم، والبعثة دورها هو التيسير وضمان الشفافية”.
مسؤولية تاريخية ومخاطر التأجيل
وشددت خوري على أن مجلسي النواب والدولة يتحملان مسؤولية وطنية وتاريخية أمام الشعب الليبي، مؤكدة أن خارطة الطريق الحالية وضعت بمشاركتهما المباشرة، وأن أي تعطيل جديد “لن يخدم إلا استمرار المعاناة الاقتصادية والسياسية للمواطنين”.
وأضافت أن الوضعين الاقتصادي والسياسي لم يعودا يحتملان مزيدًا من التأجيل، وأن البعثة تراقب عن كثب التطورات الميدانية والسياسية تحسبًا لأي انعطاف قد يستدعي تحركًا أمميًا عاجلًا.
تفاؤل مشروط وحذر دبلوماسي
ورغم حديثها عن “تحديات حقيقية”، أبدت نائبة المبعوثة تفاؤلًا بإمكانية تحقيق تقدم ملموس خلال الأسابيع المقبلة، خصوصًا مع انخراط المؤسسات الليبية في مسار الترشيحات وتزايد الدعم الدولي.
وأوضحت أن الأمم المتحدة تنظر إلى الحوار المهيكل باعتباره الفرصة الأخيرة قبل اللجوء إلى البدائل، مؤكدة أن “كل الخيارات مفتوحة” طالما الهدف النهائي هو الوصول إلى انتخابات حرة وشاملة تنهي المرحلة الانتقالية.
وختمت خوري تصريحها بالقول:
“نحن نتحرك وفق تفويض واضح ودعم من مجلس الأمن ومن الليبيين أنفسهم، وسنستخدم كل الوسائل الممكنة لضمان إنجاح خارطة الطريق وبدء الحوار المهيكل في أقرب وقت”.



