ليبيا

أزمة الكتاب المدرسي تكشف فسادا إداريا يضرب حكومة الدبيبة

إدارة حكومة الدبيبة الملف التعليمي يعكس نمطاً عاماً من سوء الحوكمة

تشهد المؤسسات التعليمية في ليبيا منذ انطلاق العام الدراسي 2025 – 2026 حالة اضطراب واسعة، بعد تفجر أزمة نقص الكتب الدراسية التي شلت سير العملية التعليمية في مختلف المدن، وأثارت موجة غضب شعبي وصلت أصداؤها إلى أروقة القضاء.

فقد أصدرت النيابة العامة الليبية بياناً أمرت فيه بحبس وزير التربية والتعليم المكلّف في حكومة الدبيبة ومدير عام مركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية على ذمة التحقيق، بعد توجيه تهمتي الإضرار بالمصلحة العامة والإخلال بالحق في التعليم لهما.

وجاء في بيان النيابة أن التحقيقات كشفت عن مخالفات مالية وإدارية خطيرة في عقود طباعة الكتاب المدرسي للعام الدراسي الجديد، وإهمالٍ جسيم أدى إلى حرمان أكثر من مليوني طالب من الحصول على كتبهم في الوقت المحدد.

تداعيات خطيرة على سير التعليم

بدأ العام الدراسي في أواخر سبتمبر، لكن معظم المدارس لم تتسلم سوى كميات محدودة من الكتب. واضطر المعلمون إلى طباعة دروس على نفقتهم الخاصة أو الاعتماد على نسخ إلكترونية وكتب الأعوام السابقة، في محاولة لتغطية النقص.

وقال وسام العشيبي، مسؤول الإعلام بمراقبة تعليم بنغازي، إن ما وصل من الكتب “لا يتجاوز 45%” من الاحتياجات الفعلية. فيما أكد مديرو مدارس أن العملية التعليمية باتت شبه مشلولة، وأن الطلاب يواجهون صعوبة كبيرة في متابعة الدروس والواجبات اليومية.

اتهامات بالفساد وسوء الإدارة

يرى مراقبون أن ما حدث ليس مجرد خطأ إداري، بل انعكاس لفسادٍ ممنهج داخل مؤسسات حكومة الدبيبة، خصوصاً في ظل سيطرة حكومة عبد الحميد الدبيبة على مفاصل الإدارة والمال العام دون شفافية أو رقابة حقيقية.

وتشير مصادر تعليمية إلى أن تعاقدات طباعة الكتاب شابها الغموض والترضيات السياسية، إذ تم توقيعها مع شركات لا تملك القدرات الفنية الكافية، مقابل مبالغ ضخمة أثارت شبهات فساد واسعة.

ويؤكد محللون أن استمرار حكومة الدبيبة في إدارة الملف التعليمي بهذه الطريقة “يعكس نمطاً عاماً من سوء الحوكمة”، حيث تتكرر الأزمات في قطاعات حيوية كالصحة والكهرباء والوقود، دون محاسبة حقيقية أو إصلاح ملموس.

تحذيرات من انهيار المنظومة التعليمية

يحذر خبراء تربويون من أن استمرار الأزمة سيؤدي إلى تدهور غير مسبوق في جودة التعليم ومستوى التحصيل العلمي لدى الطلاب، وربما إلى انقطاع آلاف التلاميذ عن الدراسة بسبب العجز عن شراء البدائل المكلفة.

ويطالب هؤلاء بضرورة تطهير وزارة التربية والتعليم من المسؤولين المتورطين في الفساد، ووضع خطة وطنية عاجلة لتوزيع الكتب، مع رقابة صارمة على العقود والمناقصات لضمان الشفافية.

تبدو أزمة الكتاب المدرسي في ليبيا اليوم مرآةً تعكس عمق الفساد الإداري والمالي الذي ينخر مؤسسات الدولة منذ سنوات. وبينما تتبادل الأطراف الاتهامات، يبقى الطالب الليبي هو الضحية الأولى، محرومًا من أبسط حقوقه في التعليم.

ولن يكون لهذه الأزمة نهاية كما يرى المراقبون ما لم يتم محاسبة المسؤولين في حكومة الدبيبة، وفتح ملف الفساد في وزارة التعليم بشفافية أمام الرأي العام، لضمان عدم تكرار ما وصفه الليبيون بأنه فضيحة تعليمية بحجم الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى