تصاعد التوتر النووي العالمي.. روسيا تدرس استئناف التجارب
التحضيرات تشمل تقييم المواقع مثل نوفايا زيمليا وتحليل الجدوى الاستراتيجية والسياسية

تصاعد التوتر في الساحة النووية العالمية مع إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تكليف كبار المسؤولين بصياغة مقترحات لإجراء تجارب للأسلحة النووية، في خطوة لم تشهدها روسيا منذ تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991. ويأتي هذا الإعلان في أعقاب تصريحات سابقة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي أعلن عن بدء الولايات المتحدة إجراءات لاختبار أسلحتها النووية على قدم المساواة مع برامج الدول الأخرى.
وأوضح وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف أن الإجراءات الأميركية الأخيرة توحي بضرورة الاستعداد لإجراء تجارب نووية واسعة، مشيرًا إلى أن موقع نوفايا زيمليا في القطب الشمالي قادر على استيعاب مثل هذه الاختبارات في وقت قصير. وفي الوقت نفسه، وجه بوتين وزارة الدفاع ووزارة الخارجية والأجهزة الأمنية والمدنية المختصة بجمع وتحليل المعلومات ذات الصلة، وتقديم مقترحات متفق عليها إلى مجلس الأمن القومي بشأن إمكانية البدء في التحضيرات اللازمة.
روسيا لم تُجرِ تجارب منذ انهيار الاتحاد السوفيتي
وتشير الوقائع التاريخية إلى أن روسيا لم تُجرِ أي تجربة نووية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، في حين توقفت الولايات المتحدة عن التجارب التفجيرية عام 1992، والصين وفرنسا عام 1996. ولم تشهد أي دولة تجارب نووية تفجيرية في القرن الحادي والعشرين سوى كوريا الشمالية، التي أجرت آخر تجاربها في 2017.
استئناف التجارب قد يزعزع الاستقرار الدولي ويفتح الباب أمام سباق نووي جديد.
المحللون الأمنيون يحذرون من أن أي استئناف للتجارب النووية سيكون مزعزعًا للاستقرار الدولي، وقد يفتح الطريق أمام سباق نووي عالمي جديد. وأوضح أندريه باكليتسكي، الباحث في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح، أن الوضع يعكس “دورة الفعل ورد الفعل، لا أحد بحاجة إليها، لكننا قد نصل إلى هناك على أي حال”.
الدوافع الروسية تكمن في الشعور بأن انسحاب الولايات المتحدة أو عدم التزامها بالمعاهدات الدولية يوفر لها مبررًا لاتخاذ إجراءات مماثلة. من جانبه، ترى واشنطن في هذه الخطوة وسيلة للحفاظ على الردع النووي والتفوق الاستراتيجي أمام منافسيها، لا سيما روسيا والصين.
وتترتب على هذه التحركات تداعيات واسعة تتجاوز حدود البلدين، إذ قد تؤدي إلى ضعف المعايير الدولية التي تحكم التسلح النووي منذ نهاية الحرب الباردة، وتشجيع دول أخرى على التحرك بالمثل. كما أن التجارب النووية، حتى إن أُجريت تحت الأرض، تحمل مخاطر بيئية وإشعاعية، وتزيد من التعقيدات الجيوسياسية، خصوصًا في أوروبا وأوكرانيا.
في الوقت الراهن، يبدو أن روسيا تتخذ خطوة “الاستعداد للخيار” أكثر من كونها قرارًا فوريًا بالتجربة. التحضيرات تشمل تقييم المواقع المناسبة، مثل نوفايا زيمليا، ودراسة الجدوى السياسية والاستراتيجية، مع مراقبة رد الفعل الأميركي والدولي قبل اتخاذ أي خطوة فعلية. وبينما يترقب العالم هذه التطورات، تبقى المخاطر البيئية والسياسية والأمنية قائمة، وسط احتمال أن يؤدي التصعيد إلى سباق نووي جديد قد يهدد الاستقرار الدولي.



