اقتصاد

أبوسنينة: تراجع الرقابة المصرفية في ليبيا يفتح الباب أمام جرائم الاختلاس

خبير مصرفي يحذر: البيئة المصرفية الليبية تشهد تراجعاً خطيراً في الرقابة

ليبيا 24

خبير مصرفي يحذر من تفاقم جرائم الاختلاس في المصارف الليبية

حذر الخبير المصرفي محمد أبوسنينة من تنامي ظاهرة الاختلاس داخل القطاع المصرفي الليبي، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة لم تكن معروفة بهذا الحجم في السابق، وأن ما كان يحدث منها كان في نطاق ضيق ويتم التعامل معه بكل حزم.

ضعف الأنظمة الرقابية

وأوضح أبوسنينة في تصريحات خاصة أن أبرز أسباب تصاعد الفرص للفساد المالي في المصارف الليبية يعود إلى ضعف أنظمة الرقابة الداخلية، التي انحرفت عن مسارها الأساسي، إضافة إلى تراجع ثقافة الالتزام داخل المؤسسات المصرفية.

وأضاف الخبير المصرفي أن هذا الضعف في الأنظمة الرقابية أضعف قدرة المصارف على رصد التجاوزات والمخالفات قبل وقوعها، مما سمح بتكون بيئة مناسبة لانتشار جرائم الاختلاس.

تراجع الرقابة الاحترازية

ولفت أبوسنينة إلى أن البيئة المصرفية الحالية تشهد تراجعاً ملحوظاً في إجراءات الرقابة الاحترازية، كما أنها تعاني من ضعف في مناخ العمل العام، مما هيأ ظروفاً مواتية لارتكاب المخالفات دون وجود رادع كافٍ.

وأكد أن هذه الظروف ساهمت في خلق مناخ غير صحي داخل المؤسسات المصرفية، يجعل ارتكاب المخالفات أمراً ممكناً دون خوف من العواقب.

العوامل الاقتصادية المحفزة

وفي تحليله الاقتصادي للظاهرة، أشار أبوسنينة إلى أن بعض المتورطين في جرائم الاختلاس أصبحوا ينظرون إلى العائد من هذه الجرائم على أنه أكبر من التكلفة، حيث إن المبالغ المختلسة وفرص الاستفادة منها تفوق العقوبة المحتملة.

وبحسب رأي الخبير المصرفي، فإن هذه النظرة تجعل الجريمة في عين الجاني صفقة رابحة لا تحمل مخاطرة تذكر، مما يزيد من انتشار هذه الظاهرة.

تراجع معايير التوظيف

كما أشار أبوسنينة إلى تراجع معايير اختيار وتعيين الموظفين في المصارف مقارنة بما كان معمولاً به في الماضي، موضحاً أنه كان يتم إجراء بحث اجتماعي دقيق للتأكد من نزاهة المتقدم للعمل ومدى ملاءمته للعمل المصرفي.

وأضاف أن هذه المعايير أصبحت اليوم في تراجع واضح، بل إنها اختفت تماماً في بعض الحالات، مما ساهم في دخول عناصر غير مناسبة إلى القطاع المصرفي.

قضايا مثيرة تثير الجدل

يأتي ذلك في وقت تشهد فيه الساحة المصرفية في ليبيا سلسلة من القضايا المثيرة، حيث أعلنت النيابة العامة مؤخراً عن اتخاذ إجراءات ضد عدد من موظفي مصرف الجمهورية، الذي يعد أكبر المصارف في البلاد.

وكشفت التحقيقات عن عمليات استيلاء وتزوير وإهمال في الواجب الوظيفي، امتدت إلى عدة فروع في العاصمة طرابلس، مما أعاد الجدل حول ضعف منظومة الرقابة الداخلية في القطاع المصرفي.

أحكام قضائية رادعة

وفي تطور متصل، أصدرت محكمة استئناف طرابلس حكماً بالسجن سبع سنوات على موظف في فرع القادسية، بعد إدانته بالاستيلاء على أكثر من 8.2 ملايين دينار ليبي، كما شملت الأحكام موظفين آخرين بتهم التزوير والإهمال.

وفي قضايا منفصلة، تم الكشف عن عمليات اختلاس جديدة في فرعي الحي الجامعي والأكاديمية الليبية للدراسات العليا، بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 20 مليون دينار ليبي.

حاجة ملحة للإصلاح

ويرى خبراء ماليون أن هذه القضايا تعكس خللاً هيكلياً في أنظمة الرقابة والمراجعة الداخلية، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً لإصلاح المنظومة المصرفية بشكل شامل.

ويؤكد الخبراء على ضرورة تعزيز أنظمة الرقابة الداخلية، ورفع معايير التوظيف، وتطوير آليات المراجعة المالية، لضمان حماية أموال المودعين واستعادة الثقة في القطاع المصرفي الليبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى