ليبيا

عبد العزيز الزقم يكتب: ترامب يفتح ملف الإخوان من جديد.. قرار قد يُغيّر موازين الشرق الأوسط

ترامب يبدء إجراءات تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظة إرهابية

بقلم: عبد العزيز الزقم

في خطوة تعكس تحوّلًا لافتًا في السياسة الأمريكية، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترامب وقّع مرسومًا يمهّد لبدء إجراءات تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كتنظيمات إرهابية.

قرار يحمل في طياته ما هو أبعد من مجرد تصنيف أمني، ويفتح بابًا واسعًا للأسئلة حول مستقبل الجماعة، وحول تأثير الخطوة على خريطة التحالفات الإقليمية والدولية.

لماذا الآن؟

بحسب ما أعلنه البيت الأبيض، يرى ترامب أن الإخوان شبكة عابرة للحدود تغذي الإرهاب وتساهم في زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط. هذا التوصيف ليس جديدًا في واشنطن، لكنه هذه المرة ينتقل من خانة “النقاش السياسي” إلى مستوى “الأوامر التنفيذية”.

ومن اللافت أن الإدارة الأمريكية كلّفت وزارتي الخارجية والخزانة بتقديم تصور كامل خلال 45 يومًا حول آلية التصنيف، ما يعني أن واشنطن لا تتعامل مع الأمر كردّ فعل، بل كخطوة مدروسة تحمل أهدافًا استراتيجية واضحة.

خطوة ذات وزن سياسي لا يقل عن وزنها الأمني

على الرغم من أن القرار يُطرح في سياق أمني، إلا أن تأثيره السياسي قد يكون أكبر بكثير. فالإخوان—على اختلاف فروعهم—يمثلون في بعض الدول مكونًا سياسيًا واجتماعيًا قائمًا، وفي دول أخرى يُعتبرون لاعبًا مؤثرًا أو تيارًا ظل تاريخيًا محل جدل.

لذلك، فإن تصنيفهم قد يعيد ترتيب علاقات الولايات المتحدة مع عدد من الحكومات، خصوصًا تلك التي تضم في مشهدها الداخلي قوى محسوبة على الجماعة، أو تلك التي تحاربها بشكل مباشر.

ماذا يعني التصنيف لو تم اعتماده فعليًا؟

لو اكتملت الخطوة، ستترتب عليها ثلاثة تأثيرات مباشرة:

1. تجميد الأصول المالية:

ستُمنع أي تحويلات أو تمويلات يمكن أن تُصنّف على أنها مرتبطة بتلك الفروع.

2. ملاحقة الأفراد والكيانات المرتبطة:

ليس داخل أمريكا فقط، بل عبر شبكة التعاون الدولي في قضايا الإرهاب.

3. تضييق سياسي قوي:

سيصبح التعامل العلني مع تلك الفروع مخاطرة قانونية وسياسية لكثير من الدول والمنظمات.

بين التأييد والتحفظات

في الولايات المتحدة، رحّب عدد من السياسيين—خاصة في الحزب الجمهوري—بالقرار، معتبرين أنه يضع حدًا لما وصفوه بـ“التسامح مع جماعات تغذي التطرف”.

في المقابل، يرى بعض الخبراء أن الجماعة تختلف من دولة إلى أخرى، وأن التصنيف الشامل قد لا يعكس هذا التنوع، وقد يخلق إشكاليات دبلوماسية مع دول حليفة لواشنطن.

قراءة أعمق للدرس الأمريكي

من منظور أوسع، يبدو أن ترامب يحاول إعادة تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط بما يتوافق مع رؤيته للأمن الإقليمي.

واللافت أن هذا القرار لم يأتِ معزولًا: بل يأتي في سياق توجه أمريكي لإعادة تقييم الجماعات العابرة للحدود، وإعادة تعريف من يمثّل تهديدًا، ومن لا يمثّل.

ولعلّ أهم ما يمكن استخلاصه أن الإدارة الأمريكية تريد أن ترسل رسالة مزدوجة:

رسالة للداخل بأنها “تحارب التطرف بصرامة”، ورسالة للخارج بأنها ستراقب كل الفاعلين السياسيين الذين يتجاوز تأثيرهم حدود دولهم.

إلى أين تقودنا الأربعون يومًا القادمة؟

سيكون تقرير وزارتي الخارجية والخزانة هو النقطة المفصلية. فإما أن يفتح الباب لتصنيف رسمي شامل، أو يضع حدودًا ضيقة للخطوة بحيث تقتصر على فروع محددة ثبت ارتباطها بنشاطات عنيفة.

وفي كل الأحوال، فإن ما بدأ اليوم لن يكون مجرد خبر عابر. فالقرار—لو اكتمل—قد يعيد صياغة علاقة الشرق الأوسط بالولايات المتحدة، ويمنح الجماعة مستقبلًا أكثر غموضًا، وأكثر خضوعًا للرقابة الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى