ليبيا

بيان الدول العشر يرسم منعطفاً سياسياً جديداً للمشهد الليبي

محفوظ: دعم أمريكي متصاعد يعيد ترتيب المسار الليبي الشامل

ليبيا 24

بيان دولي يعيد صياغة المشهد الليبي وفق مقاربة أكثر شمولية
أثار البيان الصادر عن مجموعة الدول العشر بقيادة الولايات المتحدة اهتماماً واسعاً في الأوساط السياسية الليبية، بعدما حمل مضامين اعتبرها مراقبون الأكثر وضوحاً وتأثيراً منذ سنوات. وفي قراءة تحليلية أدلى بها الكاتب والباحث السياسي محمد محفوظ، برزت نقاط عدّة تتعلق بالتحولات السياسية والاقتصادية والأمنية التي رسمها البيان، بوصفه وثيقة تُمهّد لمرحلة جديدة من التعامل الدولي مع الأزمة الليبية.

دعم صريح لخارطة الطريق الأممية
يرى محفوظ أن البيان منح زخماً إضافياً لخارطة الطريق التي طرحتها البعثة الأممية أمام مجلس الأمن في أغسطس الماضي، مشيراً إلى أن دور المبعوث الأمريكي ومسؤول الملف الليبي مسعد بولس كان حاسماً في صياغة هذا التوجّه. ويشير إلى أن البيان لم يقتصر على الترحيب بالخطة الأممية، بل قدّم دفعة سياسية قوية باتجاه اعتبارها الإطار الأكثر قبولاً دولياً لإعادة هيكلة المرحلة المقبلة.

ويعتبر محفوظ أن هذا الموقف الدولي يعكس توجهاً للانتقال من مرحلة الجدل حول الشرعية التنفيذية إلى مرحلة التركيز على مسارات عمل واضحة، خصوصاً أن البيان أبرز توافقاً غير مسبوق بين القوى الكبرى على ضرورة إحراز تقدم ملموس في المسار السياسي.

تركيز على مسارَي الاقتصاد والأمن
يُبرز محفوظ أن البيان تضمّن إشارات تتطلب قراءة معمّقة، خصوصاً ما يتعلق بالملف الاقتصادي. فقد أشار البيان إلى دعم الجهود الأمريكية لضمان الإنفاق الموحد، ولا سيما في ما يتعلق بميزانية التنمية، عقب الاتفاق الذي جرى بين الأطراف الليبية الأسبوع الماضي بشأن توحيد آليات الصرف.

كما لفت الانتباه إلى أن الحديث عن مناورات عسكرية مشتركة مرتقبة في سرت بين قوات من الشرق والغرب يُعدّ تطوراً لافتاً في المقاربة الدولية للملف الأمني. ويرى محفوظ أن هذه الخطوة، في حال تحققت، ستفتح الباب أمام تفاهمات عسكرية أوسع تُخفف من حدّة الانقسام وتعيد تشكيل هيكل أمـني أكثر انسجاماً.

بيان يشبه «خارطة طريق مصغّرة»
يشدد محفوظ على أن مستوى الإجماع الدولي على مضمون البيان يضعه في مرتبة وثيقة انتقالية يمكن البناء عليها، إذ لم تشهد ليبيا وفق تعبيره توافقاً مشابهاً منذ مؤتمر برلين عام 2020. ويعتبر أن البيان وضع خطوطاً عامة للحل، ما يمنحه ثقلاً سياسياً يتجاوز مجرد التعاطي الدبلوماسي، ليصبح مرجعاً في النقاشات المقبلة بين الأطراف الليبية.

كما يرى أن أهمية الوثيقة تكمن في شموليتها، إذ ربطت بين الجانب السياسي واستحقاقاته، وبين الحاجة إلى استقرار اقتصادي وأمني يشكلان الجسر الضروري لأي انتقال سياسي حقيقي.

تحديات الإنفاق الموحد ونقص الإيرادات
رغم التأثير الإيجابي الذي أحدثه البيان، يحذر محفوظ من أن تطبيق البنود الاقتصادية لن يكون مهمة سهلة، خصوصاً في ظل أزمة نقص الإيرادات وتضارب مطالب الأطراف الليبية. ويشير إلى أن الانقسام الحاد بين المؤسسات المالية والحكومية في الشرق والغرب يفاقم من صعوبة الوصول إلى آلية موحدة ومستدامة للإنفاق، في وقت تتجاوز فيه المطالب حجم الموارد المتاحة.

ويضيف أن الأزمة الاقتصادية الحالية تُعد أحد أكثر الملفات تعقيداً، لا سيما مع محدودية قدرة المؤسسات على تأمين تمويل كافٍ للمشروعات التنموية، ما يجعل الالتزامات الواردة في البيان بحاجة إلى دعم فني ومالي واسع للتطبيق.

مسار عملي قد يختلف عن الخطة الأممية
وفي ختام حديثه، يؤكد محفوظ أن البيان، ورغم دعمه لخارطة الطريق الأممية، حمل في طياته توجهاً عملياً يقوم على التنسيق الاقتصادي والعسكري، وهو ما قد لا يتطابق بالكامل مع تفاصيل الخارطة المعلنة. ويرى أن هذا المسار قد يفرض واقعاً جديداً يركز على استقرار اقتصادي وأمني قبل ترتيب الاستحقاقات السياسية، بما يشير إلى مرحلة انتقالية أكثر تقنية وواقعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى