
ليبيا 24
المرعاش ينتقد غياب التنسيق بين دول الجوار ويحمّل التدخلات الخارجية مسؤولية تفاقم الأزمة الليبية
وجّه الكاتب والباحث السياسي كامل المرعاش انتقادات حادّة لدول الجوار الثلاث تونس والجزائر ومصر، معتبراً أن تعامل هذه البلدان مع الملف الليبي يفتقر لما وصفه بـ«المصداقية» و«الانسجام السياسي»، الأمر الذي انعكس بصورة مباشرة على مسار الأزمة. وأكد أن هذه الدول لم تشكّل يوماً إطاراً متماسكاً يمكنه التأثير بشكل إيجابي أو فاعل في استقرار ليبيا، بل ظلّ كل طرف ينظر إلى المشهد الليبي من زاوية مصالحه الضيقة.
تباين المقاربات الإقليمية وتراجع النفوذ في ليبيا
وأشار المرعاش في تصريحاته التلفزيونية إلى أن الدول الثلاث تنظر إلى ليبيا كعمق أمني حيوي، لكنها ـ وفق تعبيره ـ تتعامل بمنطق السياسات المنفردة لا بمنطق الإطار الإقليمي الموحد. واعتبر أن هذا النهج قلّل من قدرتها على التأثير في مسار الأحداث داخل ليبيا، خاصة مع تصاعد التدخلات الدولية وتنامي نفوذ القوى الخارجية داخل الأراضي الليبية.
ورأى أن الاجتماع الأخير في تونس كشف بوضوح عن ميل الموقف التونسي نحو الرؤية الجزائرية، ما اعتبره انعكاساً لميزان القوى بين البلدين، مؤكداً أن تونس تميل عادة إلى الحياد، بينما تتورط الجزائر ـ حسب وصفه ـ في تدخلات عمّقت من حالة الانقسام.
غياب دور فعّال في دعم الاستقرار الليبي
وأضاف المرعاش أن دول الجوار الثلاث لم تقدم حتى الآن أي مبادرة يمكن اعتبارها خطوة جدية نحو دعم سيادة ليبيا أو تعزيز استقرارها السياسي والأمني، لافتاً إلى أن اهتماماتها تتركز على ملفات الأمن الداخلي والمسائل المرتبطة بالتجارة والعمالة.
الوساطة التركية… «منطقة رمادية» تُبقي الأزمة معلّقة
وفي سياق آخر، علّق المرعاش على ما نشرته وكالة «نوفا» بشأن وساطة تركية لخفض التوتر في طرابلس، مؤكداً أن ما ورد يعكس الواقع القائم، حيث ما تزال أنقرة ـ بحسب قوله ـ تعتمد سياسة «المنطقة الرمادية» من خلال محاولات الظهور كوسيط رغم استمرار نفوذها وتأثيرها السلبي.
وأوضح أن الجهود التي بذلها نائب القائد العام الفريق صدام حفتر أسهمت في تقليص حدة العداء التركي المباشر، إلا أن أنقرة ـ كما يرى ـ لم تنتقل إلى «المنطقة البيضاء» التي تعني مغادرة المشهد الليبي وترك الليبيين يديرون شؤونهم بعيداً عن التدخلات الأجنبية.
اجتماعات تركية مع المجموعات المسلحة وتساؤلات حول الضمانات
وكشف المرعاش أن وفداً تركياً أجرى لقاءات في طرابلس مع عدد من الميليشيات في محاولة لاحتواء التوتر ومنع انزلاق العاصمة إلى مواجهة جديدة. لكنه طرح تساؤلات حول الضمانات التي يمكن أن تمنع تكرار الأزمة خلال الأشهر المقبلة، مشدداً على أن استمرار التعويل على تركيا لحماية المدنيين أمر «غير طبيعي وغير مقبول».
«ارتهان كامل للأجنبي»… وانتقادات لحكومة الدبيبة
وأكد المرعاش أن ليبيا تمرّ اليوم بمرحلة «ارتهان كامل للقوى الخارجية»، معتبراً أن أطرافاً متعددة تتدخل لحماية سكان طرابلس من احتمالات اندلاع صراع جديد، بينما تعتمد الحكومة القائمة ـ حسب وصفه ـ على ميليشيات «تنتهك المال العام» وتصدّر أزماتها للخارج.
ورأى أن استمرار هذا الوضع يبقي ليبيا في دائرة التبعية، ويعطّل أي مسار حقيقي نحو الحل السياسي، خصوصاً في ظل تعدد القوى المتدخلة وتضارب مصالحها.
تعويل على دور صدام حفتر في تغيير المشهد
وأشار المرعاش إلى أنه يعوّل على دور الفريق صدام حفتر في دفع تركيا نحو «المنطقة البيضاء»، وهو ما يعني ـ وفق شرحه ـ رفع الغطاء عن الميليشيات المتمركزة في طرابلس وإنهاء الدعم المقدم لحكومة الدبيبة، التي وصفها بالفاقدة للشرعية والفاسدة.
وأوضح أن تحقيق هذا التحوّل قد يفتح الباب أمام علاقة جديدة مع تركيا، تستند إلى احترام الدولة الليبية وسيادتها، بعيداً عن الادوار الملتبسة التي تكرّس الانقسام.
تحذيرات من استمرار التدخلات الخارجية
واختتم المرعاش بالقول إن استمرار سياسة التدخل غير المباشر، سواء من تركيا أو غيرها، لن يقرب الحل بقدر ما يطيل أمد الأزمة. ورأى أن ليبيا بحاجة إلى مقاربة جادة تعيد الاعتبار لمفهوم السيادة، وتُنهي حالة الارتهان لدوائر النفوذ الإقليمية والدولية التي باتت تمسك بمفاصل المشهد الأمني والسياسي.



