ضربة قطر تعيد طرح جيش عربي موحد لردع إسرائيل
القمة العربية الإسلامية تفتح ملف "القوة العربية المشتركة" مجددًا.. هل تحول الرؤية المصرية إلى واقع؟

ليبيا 24:
في ظل تصاعد التحديات الأمنية الإقليمية، تعود إلى الواجهة دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التاريخية قبل عقد من الزمن لتشكيل قوة عسكرية عربية موحدة على غرار حلف الناتو.
ضربة إسرائيل الأخيرة على قطر أعادت الجدل حول جدوى وآليات إنشاء “جيش عربي” قادر على الردع، وسط تساؤلات حول الإرادة السياسية والقدرات الفعلية لمواجهة التهديدات المتعددة.
ضربة الدوحة.. الجرس الذي أيقظ شبح التشرذم تزامنًا مع انعقاد القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة، سلطت الضربة الإسرائيلية الضوء على هشاشة الوضع الأمني للدول العربية منفردة، وكشفت الحاجة الملحة لآلية دفاع جماعي فاعلة، بعيدًا عن الاتفاقيات الورقية التي لم تُفعّل قط، كما يرى خبراء.
الرؤية المصرية.. من الأرشيف إلى صدارة الأجندة السياسية لم تكن دعوة الرئيس السيسي في 2015 مجرد خطاب عابر، بل كانت رؤية استراتيجية شاملة لوأد الفتنة وتوحيد الصف لمواجهة ما وصفه آنذاك بـ”التهديدات الماثلة أمام الأمة”، اليوم، يُعاد إحياء هذه الرؤية كنموذج عملي قد يمثل طوق النجاة للأمن القومي العربي المشترك.
هيكل القيادة والتشكيل.. كيف سيعمل “الناتو العربي”؟ كشف اللواء المصري سمير فرج عن الهيكل المقترح للقوة، مشيرًا إلى أن قيادتها ستنبثق من رئاسة الأركان المصرية بوصفها المساعد العسكري لأمين عام جامعة الدول العربية، على أن يتولى قيادتها رئيس أركان مصر أو ضابط برتبة فريق، مع نائب من السعودية ومجلس قيادة يضم جميع الدول المشاركة، ستشمل القوة كل الأسلحة (برية، جوية، بحرية) وستُشكل الوحدات وفقًا للقدرات العسكرية والاقتصادية لكل دولة.
ميزان القوى الرقمية.. تفوق كمي عربي أمام تفوق نوعي إسرائيلي وفقًا لبيانات “غلوبال فاير باور”، فإن الجيش العربي الموحد افتراضيًا سيكون أحد أضخم الجيوش في العالم: 4 ملايين جندي، 9000 طائرة حربية، 19 ألف دبابة، 51 ألف مدرعة، و900 سفينة حربية.
هذه الأرقام تُشكل قوة ردع هائلة من الناحية الكمية، لكنها تثير تساؤلات حول التوحيد القيادي، والتكامل التقني، والتدريب المشترك.
التحدي النووي.. المعضلة الاستراتيجية التي تواجه أي قوة تقليدية يُشكل السلاح النووي الإسرائيلي، المقدر برؤوس تتراوح بين 80 و400، الحاجز الاستراتيجي الأكبر.
المحللون يؤكدون أن أي قوة عربية موحدة، رغم ضخامتها، ستظل تحت طائلة هذا السلاح الحاسم والدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل، ما يفرض ضرورة تطوير استراتيجية ردع شاملة تتجاوز المواجهة التقليدية.
المعوقات السياسية.. الإرادة قبل الإمكانيات يتفق الخبراء على أن العقبة الرئيسية ليست عسكرية أو اقتصادية، بل سياسية محضة.
غياب الإرادة السياسية الموحدة، وتشتت المصالح، وتضارب المحاور الإقليمية، والتبعية للخارج، كانت دائمًا العائق الذي أحبط أي محاولة للوحدة. السؤال الجوهري: من هو العدو المشترك؟ هل هو إسرائيل، أم إيران، أم الإرهاب؟
الإطار القانوني الدولي.. شرعية متاحة بانتظار الإرادة يؤكد خبراء القانون الدولي أن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، ميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع المشترك العربي (1950)، توفر غطاءً قانونيًا كاملًا لتشكيل هذه القوة، المبدأ الأساسي هو “الدافع عن النفس” والأمن الجماعي، حيث يعتبر أي اعتداء على دولة عربية اعتداء على الجميع.
التمويل والعائد الاقتصادي.. استثمار في الأمن واستقلال استراتيجي بإجمالي ناتج محلي يقترب من 6 تريليونات دولار، تمتلك الدول العربية القدرة على تمويل هذا التحالف الضخم.
العائد لن يكون أمنيًا فقط، بل اقتصاديًا من خلال تطوير صناعة عسكرية عربية مشتركة تقلل من فاتورة الاستيراد وتعزز الاستقلال الاستراتيجي وتخلق فرص عمل وتدفع عجلة التكنولوجيا.
الخيارات الاستراتيجية.. بين الردع الموحد والتبعية المُفرطة تواجه الدول العربية خيارًا مصيريًا: إما المضي قدمًا في بناء قوة ردع ذاتية جماعية تحفظ كرامتها وتصون سيادتها، أو الاستمرار في التشرذم والاعتماد على تحالفات خارجية تخدم مصالحها هي أولًا وقد تتخلى عن حلفائها عند أول منعطف، كما شوهد في العديد من الأزمات.
إنها لحظة تاريخية تتطلب شجاعة القرار القمة في الدوحة ليست مجرد رد فعل عاطفي على ضربة، بل هي فرصة تاريخية لإعادة تعريف مفهوم الأمن القومي العربي.
نجاحها لن يقاس بتصريحات الشجب والرفض، بل بخطوات عملية جريئة نحو تفعيل الرؤية المصرية القديمة-الجديدة. إنها لحظة الحقيقة، حيث يجب أن تعلو المصلحة العربية العليا فوق كل الخلافات الثانوية.