الضغوط الدولية تتصاعد على ترامب وسط تفاقم الحرب في غزة واعتراف دولي بدولة فلسطينية
الولايات المتحدة امتنعت عن اتخاذ أي إجراءات ملموسة للضغط على إسرائيل

امتد الإحباط الدولي من موقف الولايات المتحدة حيال الحرب في غزة إلى العلن خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة مع اعتراف عدد من الحلفاء الغربيين بدولة فلسطينية في خطوة تعكس تحولًا كبيرًا في التوازن الدبلوماسي بالشرق الأوسط، وتعد اختبارًا فعليًا لسياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وعلى الرغم من وعوده في بداية ولايته الثانية بإنهاء النزاع سريعًا، يظهر ترامب الآن في موقع المتفرج، في ظل تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية وتفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع المحاصر.
فاجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واشنطن بشن ضربة ضد قيادات حركة حماس في قطر، مما أطاح بمساعي التهدئة التي كانت إدارة ترامب تعمل عليها خلف الكواليس، وأدى إلى فشل محادثات وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.
ورغم الانتقادات الدولية المتزايدة، امتنعت الولايات المتحدة عن اتخاذ أي إجراءات ملموسة للضغط على إسرائيل، بما في ذلك استخدام أدوات نفوذها العسكري والدبلوماسي. واستخدمت واشنطن حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لإسقاط مشروع قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة.
تحول دبلوماسي كبير
في خطوة غير مسبوقة، أعلنت دول حليفة تقليديًا للولايات المتحدة، منها بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا، اعترافها الرسمي بدولة فلسطينية، وذلك قبيل وأثناء اجتماعات الجمعية العامة. ورأت هذه الدول أن الاعتراف من شأنه دعم حل الدولتين وإنهاء النزاع المستمر، بينما حذر ترامب من أن الخطوة تمثل “هدية لحماس”.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفي تصريح مباشر، دعا ترامب إلى التحرك بجدية لإنهاء الحرب إذا كان يسعى فعلًا للفوز بجائزة نوبل للسلام. وقال: “هناك شخص واحد يمكنه فعل شيء حيال ذلك، وهو الرئيس الأمريكي”.
موقف أمريكي متراخٍ
يرى محللون أن تردد ترامب في الضغط على إسرائيل يعكس إما إدراكه لتعقيد الصراع، أو قبوله الضمني بأن نتنياهو سيتصرف باستقلالية مطلقة، أو حتى انشغاله بأولويات داخلية شائكة، منها قضية مقتل الناشط تشارلي كيرك، وفضيحة جيفري إبستين، والأوضاع الأمنية في المدن التي يقودها الديمقراطيون.
ورغم الانتقادات، واصل ترامب لقاءاته مع زعماء عرب وإسلاميين على هامش الجمعية العامة، وطرح مقترحات أمريكية لإدارة غزة بعد الحرب دون إشراك حماس، من بينها مساهمة عربية في قوات حفظ الأمن.
لكن حتى اللحظة، لم يبدِ ترامب أي استعداد لاستخدام أدوات الضغط الأمريكية، بما فيها المساعدات العسكرية والحماية الدبلوماسية لإسرائيل، ما زاد من شكوك المجتمع الدولي حول جدية دوره كوسيط للسلام.
اتفاقات إبراهيم تحت التهديد
الضربة الإسرائيلية في قطر، الدولة الحليفة لواشنطن، تسببت في أزمة دبلوماسية صامتة، وأضعفت الآمال الأمريكية في توسيع اتفاقات إبراهيم لتشمل دولًا خليجية جديدة، أبرزها السعودية.
وتلوح الإمارات الآن بتعليق مشاركتها في الاتفاقات في حال أقدمت إسرائيل على ضم أجزاء من الضفة الغربية، وهي خطوة تلوح بها الحكومة الإسرائيلية المتطرفة ردًا على موجة الاعترافات بدولة فلسطينية.
ويرى محللون أن المضي في ضم الضفة الغربية من شأنه إنهاء فرص تطبيع العلاقات مع السعودية، وهو ما اعتبره ترامب سابقًا أحد أهدافه الكبرى في الشرق الأوسط.
زيارة حاسمة لنتنياهو
من المقرر أن يزور نتنياهو البيت الأبيض للمرة الرابعة منذ عودة ترامب إلى السلطة، وسط تكهنات بأن اللقاء قد يكون حاسمًا في تحديد مسار الحرب وملف الضفة الغربية واتفاقات إبراهيم.
ورغم الانتقادات، لا يزال ترامب يدافع بشدة عن موقفه الداعم لإسرائيل، معتبرًا أن الضغوط الدولية والاعترافات بدولة فلسطينية تعرقل فرص السلام، لا تعززها.



