الجيش الوطني وقيادات مصراتة يتفقون على قوة مشتركة بسرت
خالد حفتر يؤكد وحدة المؤسسة العسكرية ويدعو لتقارب وطني شامل
ليبيا 24
الجيش الوطني يعلن تشكيل قوة مشتركة مع قيادات من مصراتة في سرت
خطوة تعزز مسار التقارب الوطني وتدعم توحيد المؤسسة العسكرية
في مشهد وصفه المراقبون بأنه منعطف مفصلي في مسار التقارب الوطني الليبي، أعلن الفريق خالد حفتر، رئيس الأركان العامة للجيش الوطني الليبي، عن الاتفاق على تشكيل قوة مشتركة مع عدد من قيادات كتائب مدينة مصراتة، خلال اجتماع موسع بمدينة سرت، وُصف بأنه الأول من نوعه بهذا الشكل العلني بين طرفين طالما مثّلا مركزين أساسيين في المعادلة العسكرية الليبية.
وأكد الفريق خالد حفتر أن اللقاء لم يكن مجرد اجتماع بروتوكولي، بل خطوة عملية لتوحيد المؤسسة العسكرية، وفتح صفحة جديدة تقوم على المسؤولية الوطنية والواجب تجاه الوطن. وقال خلال كلمته: «نحن مع كل من يسعى لوحدة ليبيا، ومع من يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وسنمد أيدينا لكل من يريد بناء جيش موحد يحمي البلاد لا أن يقسمها».
تفاهمات سرت… بداية جديدة لصفحة الوحدة العسكرية
الاجتماع الذي احتضنته سرت ضم قيادات بارزة من الجيش الوطني، إلى جانب شخصيات عسكرية من مصراتة، وجاء بعد سلسلة من الاتصالات والحوارات الهادئة التي سبقت اللقاء، بحسب ما أفاد به اللواء خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي في القيادة العامة.
وأوضح المحجوب أن اللقاء أثمر عن تفاهم واضح يقضي بتشكيل قوة مشتركة متخصصة في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، مشيراً إلى أن الهدف من الخطوة هو تأمين حدود ليبيا ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة التي لا تفرق بين شرق البلاد وغربها.
وأضاف أن «الجيش الوطني وقيادات مصراتة المشاركين في الاجتماع متفقون على أن الوقت حان لتجاوز الحسابات السياسية والمناطقية، وأن وحدة المؤسسة العسكرية هي الضمان الحقيقي لاستقرار الدولة الليبية».
ترحيب واسع باللقاء وتأكيد على شجاعة القرار
حظي اللقاء بتأييد واسع في الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية داخل ليبيا، خاصة بين أنصار فكرة التوحيد الوطني ورفض الاستقطاب. فقد وصف المحلل السياسي أحمد العبود الاجتماع بأنه «خطوة في الاتجاه الصحيح لإعادة بناء المؤسسة العسكرية على أسس وطنية»، مشيداً بجرأة الفريق حفتر في فتح قنوات التواصل مع شركاء الوطن من مصراتة.
كما عبّر رئيس المؤسسة الليبية للإعلام محمد بعيو عن تأييده للقاء، واصفاً إياه بأنه «عمل شجاع كسر الحاجز النفسي بين الليبيين، وقطع الطريق على دعاة الفتنة والانقسام». وأضاف أن ما جرى في سرت هو تجسيد لإرادة وطنية حقيقية تبحث عن المستقبل، لا عن الثأر.
على منصات التواصل الاجتماعي، تصدّر وسم #لقاء_سرت قائمة التفاعلات، حيث تداول النشطاء صوراً من الاجتماع وأشادوا بما وصفوه بـ«اللقاء التاريخي الذي يعيد الأمل في مصالحة وطنية شاملة».
الجيش الوطني يؤكد: لا عودة للحرب ولا صوت فوق صوت الوطن
أكدت مصادر في القيادة العامة أن أولوية المرحلة المقبلة هي تنفيذ بنود الاتفاق على الأرض، عبر وضع خطة ميدانية لعمل القوة المشتركة وتوزيع المهام بين قياداتها، في إطار مركز قيادة موحد يخضع لإشراف مباشر من رئاسة الأركان العامة.
كما شدد بيان صادر عن القيادة العامة على أن اللقاء جاء استجابة لمطالب المواطنين بضرورة توحيد الصفوف، وطي صفحة الخلافات التي عطلت مسار التنمية والاستقرار. وأوضح البيان أن القيادة العامة «تمد يدها لكل من يريد أن يكون جزءاً من مشروع بناء الدولة، بعيداً عن الاصطفافات السياسية الضيقة».
وفي سياق متصل، أكدت مصادر عسكرية أن اللقاء لم يكن مفاجئاً بقدر ما كان «نتاجاً لتفاهمات ومشاورات طويلة بين ضباط من الطرفين»، مشيرة إلى أن الروح الإيجابية التي سادت النقاشات عكست رغبة حقيقية في فتح صفحة جديدة قائمة على الثقة والمسؤولية الوطنية.
⸻
تحركات مسؤولة تدعم الاستقرار وتغلق أبواب التحريض
يرى مراقبون أن القيادة العامة للجيش الوطني اختارت توقيت الاجتماع بعناية، في ظل تصاعد الدعوات المحلية والدولية إلى ضرورة توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية كخطوة أساسية نحو تسوية سياسية شاملة.
ويؤكد هؤلاء أن لقاء سرت يمثل استجابة لهذه الدعوات، لكنه بخصوصية ليبية خالصة، تعكس إرادة داخلية أكثر من كونها إملاءات خارجية. ويضيفون أن اللقاء يمثل ضربة سياسية قوية لمن وصفوهم بـ«المتعمدين في تأجيج الانقسام واستثمار الخلافات لمصالح ضيقة».
كما شدد محللون على أن مواقف الرافضين للتقارب لا تعكس المزاج العام داخل مصراتة ولا في غرب ليبيا، إذ أن الشارع بات ميّالاً لفكرة المصالحة، بعد أن أنهكته سنوات الانقسام والتجاذب السياسي.
المصالحة خيار وطني لا رجعة فيه
يرى مؤيدو التقارب أن مصراتة قادرة على لعب دور محوري في المصالحة الوطنية إذا ما انخرطت قياداتها العسكرية والمدنية في جهود توحيد المؤسسات. وأكدوا أن اللقاء الأخير يفتح الباب أمام شراكة جديدة في إدارة الملفات الأمنية الحساسة مثل مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود.
وفي هذا الإطار، دعا الفريق خالد حفتر جميع الأطراف إلى الانضمام لمسار التوحيد والبناء، مؤكداً أن «الوطن أكبر من الجميع، وأن بناء جيش موحد يعني حماية السيادة ومنع التدخلات الخارجية».
كما نقلت مصادر مقربة من القيادة العامة أن خالد حفتر أعطى تعليماته بفتح قنوات تنسيق مباشرة مع الضباط المشاركين من مصراتة لتفعيل الخطط الميدانية المشتركة، ومواصلة الاجتماعات في المدن الليبية الأخرى لتوسيع قاعدة المشاركة.
دعم واسع من الشرق والجنوب
حظيت الخطوة بدعم سياسي وشعبي من مناطق الشرق والجنوب الليبي، حيث أصدرت شخصيات قبلية ومجتمعية بيانات تؤيد اللقاء وتثمن «روح المسؤولية الوطنية» التي أظهرها المشاركون.
وأكدت قبائل برقة وفزان أن اللقاء يعبر عن رؤية وطنية صادقة تسعى لتوحيد الليبيين في مواجهة التحديات، داعية إلى عدم الالتفات للأصوات الرافضة التي «تعيش على صدى الخلافات الماضية».
كما شددت بيانات الدعم على أن الجيش الوطني هو المؤسسة الضامنة للاستقرار، وأن أي خطوات لتقويته وتوحيده تعد مكسباً وطنياً لكل الليبيين، وليس لطرف دون آخر.
آفاق اللقاء ومستقبل المؤسسة العسكرية
يرى المراقبون أن تشكيل القوة المشتركة بين الجيش الوطني وكتائب من مصراتة يمثل اختباراً عملياً لمدى قدرة الليبيين على تجاوز الانقسامات وبناء مؤسساتهم بعيداً عن التجاذبات.
ويعتقد محللون أن اللقاء يفتح الباب أمام سلسلة اجتماعات قادمة بين قيادات عسكرية من الشرق والغرب، تحت مظلة توحيد القيادة والسيطرة. كما يتوقع أن تشارك شخصيات جديدة من مدن أخرى مثل الزاوية وطرابلس وزليتن في اللقاءات المقبلة، لتوسيع نطاق الشراكة الوطنية.
ويشير المراقبون إلى أن المؤسسة العسكرية الموحدة هي ركيزة أي استقرار سياسي واقتصادي في ليبيا، وأن الجيش الوطني بقيادته الحالية يسعى بجدية لتحقيق هذا الهدف بعيداً عن لغة السلاح والتناحر.
القيادة العامة: مستمرون في التقارب وبناء الثقة
ختمت القيادة العامة للجيش الوطني بياناتها بالتأكيد على أن لقاء سرت لن يكون الأخير، بل هو «اللبنة الأولى في جدار الثقة المتبادل». وأكد البيان أن الجيش الوطني سيواصل خطواته بثبات نحو المصالحة الوطنية، مشدداً على أن «الوطن لا يُبنى إلا بأيدي أبنائه، وأن العدو الحقيقي هو الإرهاب والفوضى».
كما أكدت القيادة العامة دعمها الكامل لأي جهود أو مبادرات تعزز التقارب بين الليبيين، مشيرة إلى أن كل من يرفض الوحدة إنما يقف ضد إرادة الشعب الذي تعب من الفوضى والانقسام.
خلاصة الموقف: لا صوت يعلو فوق صوت الوطن
من خلال لقاء سرت، وجّه الفريق خالد حفتر رسالة واضحة إلى الداخل والخارج مفادها أن المؤسسة العسكرية هي بيت الجميع، وأن التقارب بين أبناء الوطن الواحد هو خيار استراتيجي لا تراجع عنه.
الرسالة كانت واضحة: الجيش الوطني يفتح أبوابه للتعاون مع كل القوى الوطنية الصادقة، ويمضي بخطوات ثابتة نحو توحيد الصفوف وحماية الوطن.
وبذلك، ترسم سرت مجدداً معالم مرحلة جديدة قد تكون بداية لوحدة حقيقية طال انتظارها، وتضع حجر الأساس لجيش ليبي موحد، يقوده أبناؤه، ويخدم وطنه بعيداً عن الاصطفافات والمصالح الضيقة.



