ليبيا

ريم البركي: سياسات المركزي عبثية تسلّم الليبيين للسوق السوداء

ريم البركي تنتقد تضارب المصالح داخل المركزي وتدعو للتحقيق

ليبيا 24

ريم البركي تهاجم سياسات المركزي وتدعو لمحاسبة المتسببين في أزمة الدولار والسيولة

أعربت الباحثة في قضايا الأمن والهجرة الدكتورة ريم البركي عن استيائها الشديد من ما وصفته بـ«العبث المالي» الذي يمارسه مصرف ليبيا المركزي في إدارة السياسة النقدية، مؤكدة أن البلاد وصلت إلى مرحلة غير مسبوقة من الاضطراب المالي، حيث أصبحت العملة المحلية تُباع في السوق السوداء كأي سلعة تجارية.

وفي سلسلة منشورات عبر صفحتها الرسمية على موقع “فيسبوك”، قدّمت البركي قراءة نقدية حادة لأداء محافظ المصرف ناجي عيسى، معتبرة أن تصريحاته الأخيرة تكشف عن “عقلية لا تليق بمنصب حساس في إدارة الاقتصاد الوطني”، مضيفة أن سياساته ساهمت في تسليم الشعب إلى تجار السوق الموازية بشكل علني.

تضارب مصالح وخلل هيكلي في إدارة المصرف

أشارت البركي إلى أن قرار المصرف المركزي بإنشاء شركة قابضة تمهيدًا لتأسيس مصرف تجاري تابع له، يمثل “تجاوزًا خطيرًا لمبدأ الحياد” المفترض في المؤسسات النقدية.
وقالت إن الجمع بين دور الجهة “المنظّمة والمراقبة” وبين “الفاعل التجاري في السوق” يفتح الباب أمام تضارب المصالح وتقويض الحوكمة المالية، ويمهّد لهيمنة المركزي على مفاصل الاقتصاد الوطني بطريقة غير شفافة.

وأضافت الباحثة أن هذه الممارسة لا تمت بصلة لمعايير إدارة البنوك المركزية في الدول المستقرة، بل تخلق حالة من “الخلط بين الرقابة والمصلحة”، تجعل من المستحيل ضبط السوق أو تحقيق العدالة في تداول النقد.

تساؤلات حول دور السلطات التنفيذية في الأزمة

وفي سياق متصل، تساءلت البركي عن دور سلطات برقة والحكومة الليبية في أزمة الدولار والسيولة، مؤكدة استعدادها للاستماع إلى أي تفسير منطقي من الجهات المعنية بعيدًا عن المزايدات.
كما نفت أي علاقة مباشرة لرئيس الحكومة الليبية أسامة حماد أو نائب القائد العام الفريق صدام حفتر بأسباب الأزمة الحالية، مشددة على ضرورة النقاش بالعقل والبيانات لا بالاتهامات العشوائية.

انتقاد لغياب الأجهزة الرقابية وارتفاع الأسعار

ولفتت الباحثة إلى أن جهاز حماية المستهلك، المفترض أن يراقب الأسعار ويحمي المستهلكين، غائب تمامًا عن المشهد، بينما تشهد الأسواق زيادات متتالية تصل إلى 15% في الأسعار، دون أي تدخل رسمي.
وتساءلت عن الجهة التي يمكن للمواطنين اللجوء إليها لتقديم الشكاوى بشأن جشع التجار والمستشفيات، مضيفة: «وين ممكن نشكوا؟»

كما عبّرت عن تضامنها مع المواطنين الذين يواجهون تأخر صرف الرواتب وتدهور القدرة الشرائية، مشيرة إلى أن العائلات الليبية أصبحت عاجزة عن توفير أبسط احتياجاتها اليومية، في ظل غلاء أسعار السلع الأساسية وتدهور قيمة الدينار.

مقارنة صارخة بين ليبيا وأوروبا

وقالت البركي إن الفارق بين الدخل والأسعار في ليبيا أصبح “غير منطقي”، موضحة أن متوسط الرواتب في ليبيا لا يتجاوز 2000 دينار، بينما تصل أسعار السلع الأساسية إلى مستويات مماثلة لتلك الموجودة في أوروبا، حيث يبلغ متوسط الراتب هناك 2000 يورو.
وتساءلت بدهشة: “كيف يمكن للأسرة الليبية أن تعيش بهذا الدخل في ظل الأسعار الحالية؟”، معتبرة أن ما يجري في السوق الليبية أقرب إلى السحر من أي منطق اقتصادي.

دعوة للتحقيق في تسرب السيولة ومحاسبة المتورطين

وفي ختام منشوراتها، دعت البركي مكتب النائب العام الليبي إلى فتح تحقيق شامل في كيفية تسرب السيولة النقدية من المصارف التجارية إلى أيدي التجار والمضاربين، في الوقت الذي يقف فيه المواطنون لساعات طويلة أمام شبابيك المصارف دون جدوى.
وأكدت أن السيولة ليست منّة بل حق مقدس لكل مواطن، وأن الاستحواذ عليها من قبل تجار الأزمات يمثل جريمة اقتصادية يجب أن يُعاقَب مرتكبوها.

وشددت على أن ليبيا لن تتعافى إلا عبر القضاء العادل ووقوف وكلاء النيابة الشجعان في وجه منظومات الفساد التي عطّلت الدولة وأرهقت الشعب، مؤكدة أن «الانتصار بالقانون هو الطريق الوحيد لبناء دولة تحمي مواطنيها لا المتنفذين».

انتقاد ساخر لمحاولات “تجميل” الخطاب الإعلامي

وفي سياق منفصل، تناولت البركي بلهجة ساخرة ما وصفته بـ”المشهد العبثي” المتمثل في دعوات البعثة الأممية لإعلاميين ليبيين إلى إسطنبول بهدف صياغة ميثاق شرف مهني للحد من انتقاد المتنفذين.
وقالت إن هذه الخطوة تمثل “مشهدًا ملحميًا” يعكس تحول المنصات الإعلامية من أدوات لمحاسبة الفساد إلى ورشات لتلميع الفاسدين.
وختمت قائلة بسخرية لاذعة: «لا ينقص الجلسات سوى اقتراح ميزانية لتوزيع مناديل فاخرة على أصحاب السيادة لمسح دموعهم».

خلاصة الموقف

أبرزت مداخلات ريم البركي اتساع الفجوة بين الخطاب الرسمي والمشهد الاقتصادي الفعلي في ليبيا، حيث تتقاطع السياسات النقدية الغامضة مع غياب الرقابة وتفشي الفساد، ما أدى إلى تآكل ثقة المواطنين في المؤسسات المالية.
وبينما يتفاقم الغلاء ويتراجع الأمل في الإصلاح، ترفع البركي صوتها كمواطنة قبل أن تكون باحثة، مطالبة بالشفافية، والمساءلة، والعدالة المالية كأساس لاستعادة الدولة من قبضة الفساد والفوضى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى