فتاوى على مقاس السلطة.. الغرياني يهاجم الأمم المتحدة ويبارك فشل الحكومة المدعومة منه
تناقضات مفتي طرابلس: يشجب "الاحتلال" ويصمت عن نهب المليشيات.. ويدعو لاحتجاجات تخدم أجندته
ليبيا 24
الغرياني: مفتي السلطة لا مفتي الشعب.. فتاوى موجهة وازدواجية في التعامل مع الأزمة الليبية
في مشهد متكرر يعكس ازدواجية مثيرة للاستفهام، عاد مفتي طرابلس الصادق الغرياني إلى واجهة الأحداث ليطلق سهام نقده على البعثة الأممية و”حوارها المهيكل”، في حين يبدو متسامحاً إلى حد مريب مع فشل الحكومة التي يساندهما ويتغاضى عن جرائم الميليشيات المسلحة.
لعبة العناوين والجوهر الثابت
وفي حلقة جديدة من مسلسل “الانتقاء السياسي”، قدم الغرياني على شاشة قناة “التناصح” عرضاً مبتذلاً للحجج، معيداً تسخين انتقادات قديمة تحت شعار “الحوار المهيكل”. اللافت أن المفتي، الذي يقدم نفسه كحارس للثوابت، لم يقدم بديلاً واحداً قابلاً للتطبيق، مكتفياً بوصف العلاج دون تشخيص الأسباب.
تساؤله الاستنكاري “ما الفرق بين الحكومة الحالية وأي حكومة قادمة؟” يكشف عن تناقضه الصارخ: فهو يدرك أن الحكومة المنتهية ولايتها، والتي يواليهما، عاجزة عن إجراء الانتخابات، ومع ذلك يرفض أي محاولة لتغييرها بحكومة جديدة!
مفتي ببصمة واحدة: يرى الأزمة بعين ويغض الطرف بالأخرى
الغرياني، الذي لا يتعب من الحديث عن “الاحتلال الأجنبي”، يصاب بالصمم المفاجئ عندما يتعلق الأمر بالميليشيات المحلية التي تسيطر على العاصمة طرابلس بالحديد والنار. وهو الذي يطالب بالمحاسبة على “نهب الأموال”، نراه يتبارك بحضور رموز الفساد في الحكومة القائمة ويقدم لهم الغطاء الشرعي.
هذه الازدواجية المقصودة تطرح سؤالاً جوهرياً: لماذا يرى المفتي القشة في عين البعثة الأممية ولا يرى الجذع في عين حلفائه؟ الأجابة تبدو واضحة للعيان: فتاوى الغرياني أصبحت سلعة سياسية تُصدر حسب الطلب، وتوظف لخدمة مصالح ضيقة في لعبة السلطة.
من مفتي الأمة إلى محامي النظام
لقد تحول الغرياني من موقع الإرشاد إلى موقع التبرير. فبدلاً من أن يكون صوتاً للحق والعدل، أصبح مجرد بوق للسلطة القائمة في طرابلس. نراه يطبل للحكومة حين تتفق مع مصالحه، ويستخدم لغة التهديد والابتزاز حين تختلف معها.
هذه السياسة “الانتقائية” في إصدار الفتاوى جعلت كثير من الليبيين يشككون في مصداقيته. فالمفتي الحقيقي يجب أن يكون نبراساً للجميع، لا حارساً لمصالح فئة ضد أخرى.
دعوة مشبوهة للشارع.. أين كانت حين انتهكت الحرمات؟
دعوته الأخيرة للخروج إلى الميادين تثير الريبة: لماذا هذه الدعوة الآن بالذات؟ ولماذا يصمت عن كل الجرائم السابقة؟ الأمر يبدو كمسرحية مكشوفة: دعوة للاحتجاج لا تهدف لخدمة الشعب، بل لتحقيق مكاسب سياسية لحلفائه.
الغرياني يريد شعباً يتحرك حسب إشارته، لا شعباً حراً يقرر مصيره. يريد احتجاجات تخدم أجندته، لا ثورة حقيقية ضد كل مظاهر الفساد والاستبداد.
خاتمة: استغلال الدين لخدمة السياسة
في الختام، لم يعد الغرياني ذلك المرجع الديني المستقل، بل تحول إلى لاعب سياسي يرتدي عباءة الدين. تصريحاته الأخيرة ليست سوى فصل جديد في مسلسل استغلال المنبر الديني لتمرير الأجندات السياسية.
الشعب الليبي، الذي عانى من ويلات الصراع، يستحق صوتاً حقاً يرفع راية الحق فوق كل الاعتبارات. أما أن يتم استخدام الدين ورجاله كأداة في الصراع على السلطة، فهذه هي الخيانة العظمى للحقيقة وللشعب الليبي الذي يتوق للسلام والاستقرار.



