حملة نسائية: “لا تتزوجي ميليشياوي” تتصدر المشهد بعد جرائم مروعة
صرخة ضد زواج الميليشيات: "بنتك ليست سلعة.. حياتها أهم من البهرجة

ليبيا 24
صرخة نسائية تعلو فوق دوي الرصاص: “لا تتزوجي ميليشياوي”
في خضم واقع ليبيا المأزوم، حيث أصبح السلاح هو الفيصل والحكم، والرصاص لغة يومية معاشة، بدأت أصوات النساء تعلو محذرة من ظاهرة اجتماعية خطيرة تمثلت في تزايد زيجات عناصر الميليشيات. حملة “لا تتزوجي ميليشياوي” التي اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي، لم تكن مجرد رد فعل عابر، بل جاءت تتويجاً لمعاناة طويلة وكسراً لجدار الصمت.
جذور الغضب
انطلقت الشرارة الأولى للحملة بعد سلسلة من الجرائم المروعة التي هزت المجتمع الليبي في الأشهر الأخيرة، حيث ارتبطت بأشخاص ينتمون لمجموعات مسلحة. فاغتيال صانعة المحتوى خنساء المجاهد في جريمة يُعتقد أنها موجهة لزوجها القيادي السابق، ثم العثور على جثة زوجة قائد ميليشيا “العمو” أحمد الدباشي مدفونة في حديقة منزلها، شكلتا نقطة تحول في المشهد.
صوت الشارع الليبي
يقول أحمد محمد، أب لثلاث بنات من طرابلس: “لم نعد نستطيع الصمت.. بناتنا أصبحن ضحايا في صفقات الزواج من أصحاب السلاح. لقد رأينا بعيوننا كيف تنتهي حياة من يتزوجن من هذه الفئات”.
أما فاطمة علي، أم لابنة في العشرينات من بنغازي، فتقول بنبرة حزينة: “أفضل أن أزوج ابنتي لشخص يعمل بأجر متواضع ولكن بشرف، على أن تعيش في قصر فاخر مع خوف دائم من أن تدفن في حديقته”.
تحذيرات وخلفيات
ودعت الحملة الفتيات الليبيات إلى تجنب الارتباط بعناصر الميليشيات رغم المظاهر المادية البراقة التي يقدمونها. وحذرت من المخاطرة بحياة الفتيات من أجل الامتيازات المادية أو نمط الحياة الفاخر، في ظل البيئة المتوترة التي يتحركون فيها والضغوط المرتبطة بالنفوذ والسلاح.
كلمات تصنع فرقاً
كانت ريم البركي، الإعلامية والباحثة في شؤون الأمن والهجرة، أول وأبرز الأصوات التي التقطت نبض الشارع، حيث كتبت على صفحتها: “زعلانين لأننا انتقدنا باستحياء مقتل إنسانة في الشارع بالرصاص.. حتى مجرد انتقاد بسيط يزعلون منه.. معش يبوا حد يقوللهم شيء!”
رسائل مباشرة
وجهت البركي رسائل واضحة إلى الآباء: “لا تزجوا بناتكم لقادة الميليشيات! لا تزوجوا بناتكم لوزراء الحرب! لا تزوجوا بناتكم لأثرياء الحروب! لا تزوجوا بناتكم لتجار البشر! لا تزوجوا بناتكم لتجار المخدرات!”
الزواج.. غاية سامية
وأكدت أن الزواج هدفه الأساسي الاستقرار والمودة والرحمة، وليس مجرد تبادل للمصالح. قائلة: “الماديات مهمة وأنا لا أنكرها، لكن سلامة البنت النفسية والعقلية والجسدية أهم من كل البهرجة ومظاهر الثراء المادي”.
مسؤولية الآباء
واستنكرت البركي تنازل بعض الآباء عن مسؤولياتهم، متسائلة: “كيف يجيك نوم يا رجل وبنتك راقدة مع واحد فلوسه حرام وسلوكه إجرامي؟ كيف يجيك نوم وأنت عارف أنها معنفة معنوياً وجسدياً؟”
الخيار الأصيل
وشددت على أن حق الولي في الاعتراض هو حصانة شرعية يجب استخدامها لحماية البنات، قائلة: “هذا دورك الأصيل، أنت الولي وهو ما يقدرش ياخذها بدون توقيعك.. راك توقع على عقد تعاسة بنتك ودفنها في جنان الفيلا!”
البديل الأخلاقي
ودعت الآباء إلى تزويج بناتهم للشاب المستقيم ذي الدخل المتواضع بدلاً من المغريات المادية غير المشروعة، مؤكدة أن “الزواج مودة ورحمة.. فقط لا غير.. دينه وخلقه”.
تبقى الحملة شاهدة على صحوة ضمير جمعي في المجتمع الليبي، حيث ترفض النساء أن يكون مستقبلهن ومستقبل بناتهن رهناً لصفقات مع أصحاب السلاح والمال غير المشروع. إنها رسالة قوية بأن كرامة الإنسان وسلامته أهم من كل المظاهر المادية البراقة.



