ليبيا

تخبط وزارة الاقتصاد في حكومة الدبيبية

الحويج يتراجع.. إلزام الاستيراد عبر المصارف

منذ توليه منصب وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة الدبيبة لم ينجح محمد الحويج في تقديم رؤية اقتصادية متماسكة، بل اتسمت تجربته بسلسلة من القرارات المتناقضة التي انعكست سلباً على السوق المحلي وأربكت التجار والمستوردين.

أبرز مظاهر هذا التخبط تمثلت في ملف تنظيم الاستيراد. ففي بداية ولايته، كان الحويج أول من ألغى قرار حظر الاستيراد خارج القنوات المصرفية الرسمية، وسمح للتجار باللجوء إلى الاستيراد النقدي المباشر من الخارج. هذا القرار فُسّر آنذاك على أنه فتح واسع لباب تهريب الأموال وغسيلها، وأدى إلى فوضى في السوق، حيث ارتفعت الأسعار وغابت الرقابة الحقيقية على حركة السلع.

 منع إعادة تصدير السلع الأجنبية

لكن وبعد مرور سنوات على هذه السياسة، عاد الحويج ليطالب اليوم مصرف ليبيا المركزي بإصدار قرار يلزم جميع التجار بالاستيراد عبر القنوات المصرفية. المفارقة أن هذا المطلب هو نقيض قراره السابق الذي أسس لمرحلة من الاضطراب الاقتصادي. الجديد في موقفه أنه استثنى صغار التجار بسقف لا يتجاوز 100 ألف دولار، شريطة تقديم ما يثبت مصدر الأموال، مع منع إعادة تصدير السلع التي تتجاوز نسبة المكوّن الأجنبي فيها 70%.

هذا التراجع المتأخر يعكس اعترافاً ضمنياً بفشل سياساته السابقة، ويؤكد غياب استراتيجية واضحة لإدارة الاقتصاد. إذ أن تغيّر القرارات من النقيض إلى النقيض أفقد السوق استقراره، وفتح الباب واسعاً أمام الفساد عبر تضخيم الفواتير وتهريب العملة الصعبة.

خبراء الاقتصاد يرون أن عودة الوزير للمطالبة بالاستيراد عبر القنوات المصرفية محاولة متأخرة لتدارك الخلل، لكنها أقرب إلى محاولة لحماية صورته أكثر من كونها إصلاحاً حقيقياً. في المقابل، يطالب الشارع الاقتصادي بوجود إدارة أكثر كفاءة قادرة على رسم سياسات ثابتة ومتكاملة تحمي الاقتصاد الوطني وتوفر بيئة تجارية عادلة وشفافة.

وتكشف تجربة الحويج بوضوح أن غياب الرؤية الاستراتيجية والتخبط في صناعة القرار كان لهما أثر مباشر في تعميق أزمة الاقتصاد . والعودة للقيود السابقة بعد سنوات من الفوضى ليست سوى انعكاس لإدارة مرتبكة لم تنجح في حماية السوق ولا في بناء منظومة اقتصادية مستقرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى