
عادت أجواء التوتر لتخيم من جديد على طرابلس، وسط تحشيدات عسكرية مقلقة تنفذها تشكيلات مسلحة موالية لحكومة الدبيبة منتهية الولاية، إلى جانب قوات الردع لمكافحة الإرهاب، في مشهد يذكر بالأشهر التي سبقت الاشتباكات الدامية التي شهدتها المدينة قبل أسابيع، والتي أودت بحياة العشرات وألحقت أضراراً بالغة بالبنية التحتية المدنية.
هذه الاستعدادات، التي تتم على مرأى من الجميع، لا تهدد فقط باستئناف القتال بين فصائل كانت حتى الأمس القريب حلفاء في إطار حكومة واحدة، بل تضع اتفاق وقف إطلاق النهر الهش، الذي تمت برعاية دولية في يوليو الماضي، على حافة الهاوية، مما يثير ذعر السكان المحليين ويجبر بعض العائلات على البدء في النزوح مرة أخرى تحسباً لانفجار الوضع.
قلق دولي ومأزق أممي
وفي الوقت الذي عبر فيه العديد من الليبيين عن مخاوفهم من عودة البلاد إلى مربع الصراع المسلح، عبرت البعثة الأممية في ليبيا عن “قلقها البالغ” إزاء التصعيد العسكري الأخير، داعية جميع الأطراف إلى “ضبط النفس” و”إعطاء الأولوية للحوار”. إلا أن هذه الدعوات تبدو، في نظر مراقبين، غير كافية لتهدئة الأوضاع المتأزمة أصلاً.
وفي تصريحات صحفية رصدتها “ليبيا 24” علق النائب في مجلس الدولة، عادل كرموس، على المأزق الأمني قائلاً: “إن حالة الانفلات الأمني وسيطرة المجموعات المسلحة حتى على القرار السياسي أمرٌ لا يخفى على أي متابع”.
ولم يخف كرموس إحباطه من أداء البعثة الأممية، واصفاً دورها بأنه “سلبي ولا تأثير له على الأرض، خاصة في الملف الأمني، حيث يقتصر على إصدار بيانات دعائية للضبط النفس”.
أمل في مسار سياسي ومباركة إقليمية
على الجانب الآخر، أشار كرموس إلى وجود بصيص أمل في المسار السياسي، معتبراً أن الدور المصري “إيجابي وساهم في تحقيق تقارب ملحوظ بين بعض الأطراف الليبية”. وأضاف: “المسار المتاح حالياً هو مسار بعثة الأمم المتحدة، والذي يجري العمل عليه بإيجابية. نأمل في التوصل إلى حكومة موحدة قوية تفرض سيطرتها على كامل التراب الليبي تمهيداً لإجراء الانتخابات”.
وبينما تترقب طرابلس خطوات القادم، تظل المدينة رهينة للمناورات السياسية والتحشيدات العسكرية، في اختبار حقيقي لإرادة الأطراف المحلية والدولية على حد سواء لإنهاء حالة الفوضى التي استمرت لأكثر من عقد، أو إعادة البلاد إلى دوامة العنف من جديد.