المتحف المصري الكبير.. بوابة جديدة لحضارة تمتد عبر العصور
يمتد المتحف الجديد على مساحة 500 ألف متر مربع

تعيش مصر اليوم لحظة فارقة في تاريخها الثقافي والسياحي مع افتتاح المتحف المصري الكبير، الحدث الذي طال انتظاره لأكثر من ثلاثة عقود، وسط آمال واسعة بأن يشكل المشروع دفعة قوية لقطاع السياحة الذي عانى من فترات تراجع خلال السنوات الماضية.
ولدت فكرة إنشاء المتحف في تسعينيات القرن الماضي، لتكون مصر على موعد مع إقامة أكبر متحف في العالم يروي قصة الحضارة المصرية القديمة عبر آلاف السنين. وجاء التصميم الفريد للمتحف ليطل مباشرة على أهرامات الجيزة الثلاثة، في تزاوج بصري ومعنوي بين الماضي العريق والحاضر المعاصر.
يمتد المتحف الجديد على مساحة 500 ألف متر مربع، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تغطي العصور المصرية المختلفة من ما قبل التاريخ وحتى نهاية الحكم الروماني، ليصبح شاهدًا ضخمًا على عظمة التاريخ المصري وتنوع مراحله الحضارية.
استغرق إعداد المشروع سنوات طويلة من الدراسات والتخطيط، إذ بدأت المراحل التمهيدية عام 2002 بوضع حجر الأساس، وتم في عام 2010 الانتهاء من المرحلتين الأولى والثانية، بما شمل إنشاء المركز الدولي للترميم المخصص لحفظ وتأهيل القطع الأثرية. وفي عام 2021 اكتمل 90% من البنية التحتية الرقمية للمتحف، إلا أن ظروفًا إقليمية حالت دون الافتتاح في موعده، ليُستكمل العمل حتى خرج المشروع إلى النور هذا العام.
المتحف يجذب نحو 7 ملايين سائح سنويًا
ويُتوقع أن يجذب المتحف نحو 7 ملايين سائح سنويًا، بعد أن استقطب أكثر من 800 ألف زائر خلال فترة الافتتاح التجريبي بين يناير وديسمبر 2023. كما تشير توقعات مؤسسة “فيتش” إلى نمو متوسط في قطاع السياحة المصري بنسبة 5.7% سنويًا حتى عام 2029، ليصل عدد السياح إلى أكثر من 20 مليون زائر بإيرادات تقارب 19 مليار دولار.
وأكد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء أن المتحف سيكون محركًا اقتصاديًا واسع الأثر، إذ سيدعم أنشطة متعددة تشمل البناء والنقل والخدمات والتأمين والتصنيع. وأوضح المركز في تقريره المعنون “المتحف المصري الكبير: بوابة مصر لحضارة المستقبل” أن المتاحف الكبرى تسهم في جذب السياح الثقافيين ذوي الإنفاق المرتفع والإقامة الطويلة، ما يعزز العائدات السياحية والتنمية المحلية.
ومن المتوقع أن تسهم المشروعات المصاحبة للمتحف في تطوير المناطق المحيطة به، من خلال إنشاء مطاعم وفنادق ومراكز تسوق ومحال للحرف اليدوية، فضلًا عن تطوير البنية التحتية والطرق المؤدية إلى المنطقة، لتصبح وجهة سياحية متكاملة.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن مصر تضم 83 متحفًا، منها 73 متحفًا للفن والتاريخ، وقد بلغ عدد زوار المتاحف خلال عام 2023 نحو 4.8 ملايين زائر بزيادة قدرها 11.6% عن العام السابق. كما يُتوقع أن يسهم المتحف الجديد في توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، انسجامًا مع معايير التنمية المستدامة التي تبنتها الدولة المصرية في السنوات الأخيرة.
وبينما تستعد القاهرة لاستقبال الوفود الدولية في حفل الافتتاح الذي سيحضره قادة دول وشخصيات عالمية، تتجدد الآمال بأن يصبح المتحف المصري الكبير ليس مجرد صرح أثري، بل جسرًا يربط الماضي بالحاضر والمستقبل، ويعيد لمصر مكانتها كمهدٍ للحضارات ووجهةٍ رئيسية لعشاق التاريخ والثقافة من كل أنحاء العالم.



