الأمم المتحدة تنتقد نتائج كوب ۳۰ “الضعيفة” و “التقاعس القاتل” بشأن المناخ
مؤتمر كوب30 كشف عن عمق الانقسامات العالمية حول قضايا المناخ

ندّد المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، بالنتائج “الضعيفة” لمؤتمر الأطراف الثلاثين للمناخ (كوب30) الذي استُضيف في مدينة بيليم البرازيلية، محذرًا من أن تقاعس القادة عن التحرك الجاد في مواجهة أزمة المناخ قد يُنظر إليه مستقبلًا كـ«جريمة ضد الإنسانية». وخلال مشاركته في منتدى بجنيف، تساءل تورك عن نظرة الأجيال القادمة لغياب الإرادة السياسية الكافية، وعن احتمال اعتبار عدم التحرّك «إبادة بيئية».
نتائج متواضعة وإجماع هش
اختُتم مؤتمر كوب30 بقرارات أممية جرى اعتمادها بالإجماع، إلى جانب التزامات طوعية خارج مسار التفاوض الرسمي. وتركزت أبرز النتائج في وثيقة «موتيراو موندالي» التي سعت الرئاسة البرازيلية من خلالها إلى إبراز روح التعاون رغم استمرار الخلافات حول قضايا جوهرية، وعلى رأسها مستقبل الوقود الأحفوري.
أبرز ما خرج به المؤتمر كان إطلاق «مبادرة طوعية» لتعزيز خفض الانبعاثات بهدف الإبقاء على الاحترار عند 1.5 درجة مئوية، دون الإشارة بوضوح إلى «التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري»، وهو المصطلح الذي تسبب في تعطيل مفاوضات سابقة.
خلافات حادة حول الوقود الأحفوري
منذ الأيام الأولى بدا الانقسام واضحًا، خاصة بعد أن أسقطت مسودة الاتفاق الأخيرة أي إشارة للنفط والغاز والفحم. هذا التغييب أثار اعتراض نحو 80 دولة كانت تدعو إلى تضمين التزامات واضحة للتخلص من الوقود الأحفوري، مقابل رفض قاطع من دول منتجة للطاقة رأت في ذلك استهدافًا لقطاعاتها الاقتصادية.
وذكرت مصادر دبلوماسية أن المجموعة العربية — التي تضم 22 دولة بينها السعودية والإمارات — أكدت أن قطاعات الطاقة لديها «خارج نطاق النقاش»، محذّرة من أن الضغط عليها سيؤدي إلى “انهيار المحادثات”.
كما اعتبر مفاوضون من دول نامية حذف أي ذكر للوقود الأحفوري من النص «تحويلًا للمفاوضات إلى عرض هزلي»، على حد وصف ممثل بنما.
تحديات سياسية دولية
تزايدت حدة التعقيدات الجيوسياسية خلال المؤتمر مع إعلان الولايات المتحدة عدم إرسال وفد رسمي هذا العام، في ظل مواقف الرئيس دونالد ترامب التي تنكر تغيّر المناخ. أما الصين، فازدادت أهميتها في هذه القمة وسط شكوك حول التزام الاتحاد الأوروبي بأهدافه المناخية في ظل تطورات أمن الطاقة.
رئيس المؤتمر، أندريه كوريا دو لاجو، دعا الدول إلى «توحيد الصف»، محذرًا من أن العالم يراقب قدرة النظام متعدد الأطراف على الحفاظ على فعاليته.
التمويل المناخي والتجارة الدولية
ركزت مسودة الاتفاق على مضاعفة التمويل العالمي للتكيف مع تغير المناخ ثلاث مرات بحلول 2030 مقارنة بـ2025، دون تحديد الجهة الممولة، وهو ما أثار استياء الدول الفقيرة التي تطالب بضمانات واضحة.
وتتضمن المسودة كذلك إطلاق «حوار» حول التجارة في مؤتمرات كوب الثلاثة المقبلة، وهو مطلب صيني قد يثير حساسية الاتحاد الأوروبي، خاصة فيما يتعلق بانتقادات ضريبة الكربون الأوروبية على الحدود، التي اعتبرتها دول مثل الهند وجنوب أفريقيا إجراءً “غير عادل”.
كشف مؤتمر كوب30 عن عمق الانقسامات العالمية حول قضايا المناخ، خاصة مستقبل الوقود الأحفوري والتمويل المناخي. ورغم محاولات البرازيل دفع الدول نحو حلول وسط، جاءت النتائج أقل من التوقعات في ظل ضغوط سياسية واقتصادية متناقضة. وبينما تطلق الأمم المتحدة تحذيرات بشأن «التقاعس القاتل»، يبدو أن الطريق نحو اتفاق عالمي قوي يحدّ من أسوأ آثار الاحتباس الحراري لا يزال طويلًا ومليئًا بالعقبات.



