ليبيا

شنيب: تشريعات العنف الأسري متأخرة وقانون شامل ضرورة وطنية عاجلة

شنيب: مسار قانون العنف الأسري ينطلق بلجان مختصة ودعم حكومي واسع

ليبيا 24

شنيب: غياب قانون العنف الأسري كشف فراغاً تشريعياً ومجتمعياً واسعاً

أكدت رئيس لجنة شؤون المرأة والطفل بمجلس النواب، انتصار شنيب، أن مشروع قانون مكافحة العنف الأسري بات يمثل إحدى أهم أولويات السلطة التشريعية، في ظل اتساع نطاق الانتهاكات التي تشهدها الأسرة الليبية وتزايد الحاجة إلى إطار قانوني متماسك يعالج جذور المشكلة. وأوضحت أن الواقع الراهن أبرز فجوة واضحة لدى منظمات المجتمع المدني والجهات المختصة، سواء في آليات الدعم أو في الدور التوعوي المطلوب لحماية الفئات المستضعفة من النساء والأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة.

مسار تشريعي متعدد المراحل
وأوضحت شنيب أن إحالة مشروع القانون إلى البرلمان ليست إجراءً شكلياً، بل عملية تخضع لسلسلة مراحل تبدأ بتقديمه من الحكومة أو مجموعة من النواب، ثم توجيهه إلى اللجان التشريعية أو المختصة للصياغة والمراجعة. وبعد استكمال هذه المراحل، يعرض المشروع على الجلسة العامة لمناقشته وإقراره، قبل نشره رسمياً ودخوله حيّز التنفيذ. وشددت على أن تحديد جدول زمني لاعتماد القانون يرتبط بإجراءات تنظيمية جارية بالفعل، إذ عقدت اللجنة اجتماعاً موسعاً ضم وزراء وجهات معنية، جرى خلاله الاتفاق على تشكيل لجان مختصة تُعنى بدراسة مسودة القانون ووضع أسس واضحة لمساره التنفيذي.

انطلاقة عمل اللجان قبل نهاية ديسمبر
وأشارت رئيس اللجنة إلى أن هذه اللجان ستباشر عملها قبل نهاية ديسمبر المقبل، في خطوة وصفتها بأنها مؤشر عملي على جدية الدولة في التصدي لملف العنف الأسري. وأكدت أن وزارة الشؤون الاجتماعية ستضطلع بدور محوري في التنفيذ، من خلال مكتب الأسرة الذي سيشكل أحد أهم الأعمدة الداعمة لنجاح المشروع.

ثغرات في التشريعات الحالية
وأوضحت شنيب أن أبرز المشكلات التشريعية الحالية تتمثل في غياب قانون خاص بالعنف الأسري، واعتماد التعاطي مع الحالات على مواد عامة في قانون العقوبات لا تعكس خصوصية العلاقة داخل الأسرة الليبية. واعتبرت أن هذه المقاربة لم تعد قادرة على استيعاب حجم التغيرات الاجتماعية التي أنتجتها التكنولوجيا الحديثة واتساع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث باتت كثير من القضايا تُكشف عبر المنصات الرقمية بعد أن كانت محجوبة داخل البيوت.

العنف… من “أسلوب تربية” إلى تهديد مباشر للحياة
وأكدت شنيب أن المجتمع كان يتقبل بعض أشكال العنف سابقاً باعتبارها جزءاً من عملية التربية، لكن الواقع اليوم تجاوز هذه الحدود، إذ شهدت ليبيا حالات خطيرة وصلت إلى الإيذاء البليغ والتشويه والقتل، ما يستدعي تحركاً عاجلاً من النواب والحكومة لسد الثغرات التشريعية. وشددت على أن القانون المرتقب سيكون رادعاً وفاعلاً، إذا ما جرى صياغته بما يتسق مع خصوصية المجتمع الليبي ومبادئ الشريعة الإسلامية.

محكمة الأسرة… ضرورة تفرضها المرحلة
وفي سياق متصل، أكدت شنيب وجود توافق واسع حول إنشاء محكمة مختصة بقضايا الأسرة، بعد الارتفاع المقلق في حالات العنف الأسري، مشيرة إلى أن هذا التوجه يحظى بدعم وزارات ومؤسسات رسمية ومكونات المجتمع المدني. واعتبرت أن المحكمة المتخصصة ستوفر منظومة عدلية أكثر كفاءة، قادرة على التعامل مع هذا النوع من القضايا بحساسية قانونية واجتماعية خاصة.

الشريعة الإسلامية معيار راسخ في القانون الجديد
وفيما يتعلق بالبعد الشرعي، أوضحت شنيب أن وزارة الأوقاف قدمت موقفاً واضحاً يؤكد أن العنف لا يمت للدين بصلة، وأن قاعدة “لا ضرر ولا ضرار” تُلزم بحماية الطفل والمرأة باعتبار ذلك واجباً شرعياً. وتوقعت أن تشهد المرحلة المقبلة نشاطاً أكبر للمنابر الدينية في نشر خطاب رافض للعنف الأسري، بالتوازي مع دور إعلامي مطلوب لتعزيز ثقافة الحماية والاحترام داخل الأسرة.

وسائل التواصل… جزء من المشكلة والقانون
كما لفتت إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تلعب دوراً مزدوجاً، فهي تكشف الانتهاكات لكنها أيضاً تُستغل في جرائم ابتزاز وتشهير تُعمّق الخلافات الأسرية وتضر باستقرار المجتمع. ورأت أن هذه الانتهاكات تفرض إشراك وزارة الاتصالات في إعداد القانون الجديد، لضبط الجرائم الإلكترونية المتعلقة بالأسرة.

قانون شامل لكل أفراد الأسرة
وبيّنت شنيب أن مشروع القانون لا يستهدف خلق مواجهة بين أفراد الأسرة، ولا يضع المرأة أو الطفل في موضع صراع مع الرجل، بل يهدف إلى حماية الجميع دون استثناء: النساء، الأطفال، الرجال، كبار السن، وذوي الإعاقة. وأكدت أن أي ممارسة تُلحق الأذى أو تمس كرامة الفرد تُعد مخالفة صريحة للشريعة، وأن القانون المرتقب سيأتي منسجماً مع قيم المجتمع وتقاليده، بما يحفظ الأسرة ويصون تماسكها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى