تحليلات اقتصادية تحذر من مخاطر ارتدادية تهدد استقرار سعر الصرف في ليبيا
"الجديد" يحذر من عودة الإنفاق المنفلت ويهاجم "التسيير الحافظ" للمصارف

ليبيا 24
” الجديد” لـ المسؤولين: إدارة الدولة بالعقل وليست بالعواطف.. واستقرار سعر الصرف هش.
يرى محللون اقتصاديون أن حالة الاستقرار النسبي التي يشهدها سعر صرف الدينار الليبي مقابل الدولار الأمريكي في الفترة الأخيرة، والتي توجت بانخفاض ملحوظ، هي ثمرة محتملة لجهود ضبط الإنفاق العام، محذرين في الوقت ذاته من أن أي “قرار متهور” بعودة ذلك الإنفاق “المنفلت” قد يقود الاقتصاد إلى متاهات أكثر خطورة.
وكان سعر صرف الدولار قد شهد تراجعاً من مستويات قريبة من 7.90 دينار إلى حوالي 7.35 دينار، في حركة تفسر على أنها مؤشر إيجابي، لكن الخبراء يحذرون من أنها لا تزال هشة وتحتاج إلى تعزيز بإصلاحات هيكلية.
إصلاح إداري عاجل
وفي هذا الصدد، طالب الخبير الاقتصادي مختار الجديد، في سلسلة من التحليلات عبر منصاته الاجتماعية، بضرورة قيادة عملية إصلاح إداري جذرية، معتبراً أن تغيير عدد من المديرين العامين في المصارف الحكومية عند بداية تولي المسؤولية كان إجراءً ضرورياً لقطع دابر أي إدارة قائمة على “الحفظ والتتبيع” دون إدراك للأسباب الجذرية للمشاكل.
وشدد الجديد على أن خطوة إيقاف مدير عام مصرف الأمان، التي رأى أنها “صحيحة لكنها متأخرة”، يجب أن يتم “تعميمها” كنموذج للتغيير الذي يطال مراكز القرار غير الفاعلة. وأضاف بأن التناقضات الموجودة على أرض الواقع، مثل رفض بعض المحلات التعامل بأوراق نقدية معينة رغم الإعلان عن قبول الدفع الإلكتروني، هي دليل على سوء الإدارة والتبعية العمياء دون تحليل.
سوق أكثر نضجاً
ورفض الجديد تفسير انخفاض سعر الصاعدة بأنه مجرد رد فعل على إشاعات، معتبراً أن السوق أصبح “أكثر نضجاً” ولا يستجيب بسهولة للتقلبات المفاجئة بناء على أخبار غير مؤكدة. وأرجع حالة الاستقرار إلى “الوعود التي قطعت بضبط الإنفاق المنفلت”، مشيراً إلى أن الوفاء بهذه الوعود هو الذي حال دون ابتلاع الإنفاق لكل المعروض من الدولار بالسعر السابق.
وحذر بشكل صريح من أن العودة إلى سياسات الإنفاق غير المسؤول لن تعيد الاقتصاد إلى “المربع الأول” فحسب، بل قد تدفع بسعر الصرف إلى مستويات “أبعد مما كان عليه”، مشيراً بأنه في المرة القادمة قد يتجاوز حاجز الثمانية دنانير بشكل يصعب السيطرة عليه.
نداء إلى المسؤولين: الدولة لا تدار بالعواطف
وتطرق الجديد إلى ملف تعليم أبناء الجاليات، معتبراً أن بعض التسهيلات السابقة التي قدمت بدافع إنساني تحولت في نظر البعض إلى “حق مكتسب”، فيما يتم التغاضي عن وجود بدائل مثل المدارس الخاصة. ووجّه رسالة إلى المسؤولين مفادها أن “الدول لا تدار بالعواطف”، بل بتطبيق القوانين والحفاظ على حقوق الدولة دون تهاون أو تفريط، وهي ما وصفها بـ “كلمة رجل الدولة”.
مقترح لتطوير آلية بيع النقد الأجنبي
وعلى صعيد متصل، قدّم الجديد مقترحاً عملياً إلى مصرف ليبيا المركزي بشأن خطط بيع النقد الأجنبي للمواطنين مستقبلاً. واقترح أن يسمح للمواطنين بتحويل قيمة ما يرغبون في شرائه من عملة أجنبية بالدينار الليبي إلى المصرف المركزي من الآن، على أن يتم التسليم الفعلي للعملة عند توريدها بعد أشهر، مع ضمان حصول العميل على حصته عبر منظومة الإغراض الشخصية لتجنب الوساطة وتكافؤ الفرص.
فجوة سعرية تشير إلى خلل هيكلي
كما أثار الجديد ملاحظة حول وجود فرق سعري كبير يصل إلى أكثر من نصف دينار بين سعر الصرف الرسمي وسعر الأوراق النقدية المسحوبة من التداول (الكاش)، معتبراً ذلك مؤشراً على خلل هيكلي يحتاج إلى تفسير ومعالجة عاجلة. وتساءل عن سبب هذه الفجوة: هل هو في نظام الدفع الإلكتروني، أم في المقاصة، أم في اشتراط المصارف للدفع النقدي عند بيع الدولار؟
وختم بالقول: “يامصرفنا المركزي أين الخلل؟ فمثل هذا الأمر لا ينبغي أن يمر دون فهم وتفسير ومعالجة”. ودعا إلى إنشاء وحدة متخصصة للرصد والتحليل واقتراح الحلول، مؤكداً أن المنشغلين بالأعمال الروتينية اليومية لا يمكنهم القيام بهذه الوظيفة التحليلية الاستراتيجية التي تتطلب التفرغ والتأمل.



